2011 فبراير .. حين ثار الكل ضد الجميع

2011 فبراير .. حين ثار الكل ضد الجميع

2011 فبراير .. حين ثار الكل ضد الجميع

محمد الصعر

____________

مالذي حصل بعد 11 فبراير وتسليم السلطة عموماً ، هو أن البلاد وضعت محل رهان المصالح و السباق غير المحمود إما للعودة الى السلطة وهو اتهام أو الاستيلاء عليها بشرعية ما يسمى ضغط الشارع وهو اتهام أيضاً .

وما بين الاتهامين كفر جميع الخصوم بنهج الجمورية والديموقراطية فحشود في السبعين وٱخرى في الستين وٱتى بعد ذلك الحوثيين بحشود في خط مطار صنعاء ، فأي شرعية شارع هي الأحق ؟

فقد جميع السياسيين في اليمن والقوى المليشاوية أهلية الحكم ديموقراطياً باستفتاء غير شرعي في 2012 أو بضغط الشارع ، فقد وصل البلد المفخخ ذو النزعة القبلية الى الانقسام حرفياً ، بلدٌ لم يكن يعرف من الديموقراطية إلا الانجرار وراء الأشخاص لتجد في عائلتي مثلاً نرشح الشيخ حزام الصعر باسم الاصلاح ، ووجدنا أنفسنا كعائلة بعدها بسنوات نرشح الشيخ علي محمد الصعر باسم المؤتمر ، لأن المرشح من العائلة وليس لبرامجية حزب أو تنظيم .

بالعودة قليلاً .. يجب تعريف فترة الاستقرار في اليمن ما قبل العام 2011 أنها كانت قسمة بين قوى نافذة ، علي عبدالله صالح وهو جناح سياسي وعسكري ، علي محسن وهو صاحب أكبر رتبةعسكرية بعد الرئيس وصاحب نصيب أكبر حصة من ميزانية البلاد ، قبلياً الشيخ عبدالله الأحمر كان كذلك شريك سلطة ، حزب الإصلاح كان فصيل يتغذى أيضاً على صراعات صالح ومحسن والأحمر ، ومن أشكال تقاسم البلد أو ما نسميه التوازن والتعدد كان هناك فصيل يساري بقيادة عبدالكريم الإرياني وهو الذراع الغربية التي وجهت وتحكمت بجميع من ذكرنا ! ومن يدقق يجد أن قسمة الجمهوريين والملكية في اتفاق 1970 قد انتهت لذا بموت يحيى المتوكل أعلنت الهاشمية السياسية تمردها في 2004 ، لذا فالحوثيين هم نتاج السياسة الجديدة التي حاولت ان تقصي طرف ، وما نعيشه اليوم هو نتاج لكسر ميزان توازن القوى ،ولم تكن 2011 إلا شرارة الإقصاء ونتاج الإقصاء كذلك .

ولذلك يسميها البعض ثورة في 2011 وتسميها الأمم المتحدة بأنها أزمة ونتيجة هذا الخلاف عميقة وتقول بأن جميع الأطراف في اليمن فقدت الثقة في بعضها ، ما جعل الجميع يستخدم الحوثيين في القضاء على الخصم ويعدهم بالعودة إلى السلطة ، وكان جناح اليسار الإرياني هو الوحيد الذي يحذر من خطر اليمين الزيدي القادم من الجبال ، وبذلك لا يستطيع أحد أن ينكر مسئولية ما وصلنا إليه اليوم كواقع سياسي وعسكري أسس له انقسام الجمهوريين ، فقد رسمت أحداث 2011 شكلاً جديد لليمن الذي عرفناه ولم نعد نعرفه اليوم .

يقولون في كل كتابة صحفية نقدية يجب أن يقدم طارح الرأي المعالجات والحلول للمشكلات ، ولكن الى اليوم ، ماهي المعالجات التي بالإمكان أن تطرح ، بعد 13 عاماً من الحلول السياسية والعسكرية وتدخلات العرب والغرب وقصف الأمريكان وتحكم بريطانيا بقلم القضية اليمنية ، فلا صوت يعلوا فوق التصديق بواقع غوغائية الحرب التي يجب أن تفرز منتصراً واحد فقط كي يمضي الجميع تحت مظلته رضا ولا صميل ، اعوج ولا سابر .

جربنا الحلول العسكرية وتم استبدال الجيش بما يسمى وطني ومناطق عسكرية ومعانا اليوم بديل للحرس الجمهوري بحراس خارج إطار وزارة الدفاع ومعانا أحزمة أمنية وكذلك نخبة عسكرية في شبوة وحضرموت .

جربنا كذلك الحلول السياسية ووصل علي محسن لأن يكون نائب رئيس ، وعاد علي عبدالله صالح مجدداً الى السلطة عبر طارق صالح و وصلت القضية الجنوبية لأن تكون بدرجة نائب رئيس وهي فصيل يتحرك خارج إطار الدولة ولم يحدث أي تغيير في خارطة الحل السياسي للقضية المناطقية أو حتى لليمن الكبير كحل للمظلومية المُدعاه ،بل أن هذا الجانب من المشكلة زاد الوضع تعقيداً وتم إحراق كافة كروت اللعبة لشكل اليمن سابقاً وحديثاً ، ويظهر جدياً بأن أدوات الماضي والحاضر غير فاعلة أمام واقع اليمن الجديد .

نعم .. هي كتابة شخص يائس ويؤمن بأن الفوضى خرجت من إطار الاحتواء ، فهل يدرك كل من لعب باليمن في 2011 خطورة ما أوصلنا إليه اليوم ... فمتى تتحرك القوى المحلية للصلح الداخلي وعمل ميثاق وطني جديد لإنهاء الحرب ولن يكون ذلك إلا بإنهاء هيمنة إيران والسعودية ، والقبول بواقع تقبل الٱخر .


طباعة   البريد الإلكتروني