قراءة للواقع العربي وانعكاساته على موقف العرب من العدوان الإسرائيلي على غزة !!!

قراءة للواقع العربي وانعكاساته على موقف العرب من العدوان الإسرائيلي على غزة !!!

قراءة للواقع العربي وانعكاساته على موقف العرب من العدوان الإسرائيلي على غزة !!!

م. عباد محمد العنسي

لم تتمكن الجامعة العربية من عقد قمة عربية لإتخاذ موقف تجاه ما يتعرض له الشعب العربي الفلسطيني في غزة ، وتم الاستعاضة عنها بعقد قمة إسلامية ، وكانت نتائجها هزيلة جداً ، هذه الحالة هي حالة طبيعية لان القضية عربية ويجب أن يكون الموقف عربي وما تلك الدول سوى تابعة لأي قرار عربي .

اذا ما تم قراءة الوضع الحالي في الوطن العربي ، فالعرب يمرون بأسوء حال منذ عام 1973م ، ولايمكن أن يكون هناك أي قرار عربي فعال في ظل هذا الوضع .

- وفيما يلي نتطرق للواقع العربي بشكل مبسط منذ إنشاء الكيان الصهيوني وحتى يومنا هذا حتى يتمكن القارئ من فهم مايجري اليوم.

الحقيقة أن الغرب عمل منذ عام 1973م ، إلى إيصال الدول العربية إلى هذه الحالة التي يجعلها ممزقة وغير قادرة على إتخاذ قرار ينقذ أبناء الشعب الفلسطيني من المجازر التي يتعرض لها في غزة والتي لم يشهد لها التاريخ .

لقد كانت نتيجة نكسة 1948م هي إعادة الهوية القومية للشعب العربي كشعب واحد ، كأحد مخرجات تلك الثورات العربية بقيادة ثورة 23 يوليو 1952م في مصر ، فأصبح عبد الناصر هو زعيم الشعب العربي من المحيط الى الخليج ، ولم يعد لإتفاقية (سايس بيكو) اي أثر فكان عبد الناصر هو زعيم الشعب العربي من المحيط للخليج في نظر كل مواطن عربي .

وكان ثمرة ذلك هي وحدة الموقف العربي تجاه الكيان الصهيوني وبرزت هذه الوحدة في حرب 1973م ، لقد أدرك الغرب حينها أن (سايس بيكو) غير مجدية لتقسيم الوطن العربي فبدأ بمشروع تقسيمه طائفيا .

كانت إتفاقية (كامب ديفيد) نتيجة طبيعية لرحيل جمال عبد الناصر الذي رحل قبل أن تتحول مخرجات ثورة يوليو الى نهج دستوري لسياسة مصر ،والذي لايمكن لرئيس الجمهورية تجاوزها .

لقد عملت اتفاقية (كامب ديفيد) على عزل مصر عن الشعب العربي ، و كانت ردة الفعل العربية على تلك الإتفاقية خاطئة ، وساهمت في زيادة حدة الانقسام الذي أحدثته (كامب ديفيد) .

لم يتمكن أي قطر عربي من تغطية هذه الفجوة الكبيرة ، لغياب مصر كقائدة للعرب ، وغياب عبد الناصر ، رغم محاولة كل من سوريا والعراق القيام بهذا الدور لكن تدخل سوريا في لبنان، وكذلك تدخل العراق في الكويت افقدهما إمكانية سد الفراغ الذي كانت تقوم به مصر كقائدة للدول العربية .

أدركت الدول العربية الخطأ الذي ارتكبته بعد حرب 73 متاخرة ، فقامت بإعادة مصر إلى جامعة الدول العربية في 23 مايو 1989 م لكن مصر كانت قد رسمت سياستها بعدم التدخل في الشأن العربي ، بعد تخليها عن سياسة عبد الناصر القومية ، فكانت عودتها تحصيل حاصل. لذلك كان دورها في عام 1990 م مناقض تماماً لدورها في عام 1961 م عندما حاول عبد الكريم قاسم ضم الكويت وتم حصر القضية كقضية عربية و اُفشِل مشروع عبد الكريم قاسم ، بينما عام 1990 ، قامت الجامعة العربية بقيادة مصر بشرعنة التدخل الدولي في الشأن العربي بقيادة امريكا ، وأصبحت جزء منه ، بل إن دورها الخفي كان تشجيع صدام على القيام بذلك.

منذ عام 1990 بدأ تفكيك الدول العربية القومية دولة تلو الأخرى وبتمويل من الدول العربية الغير قومية التي كانت تنقاد للدول القومية.

من بعد عام 90 اصبحت الدول العربية الغير قوميه هي التي تقود العمل العربي المشترك ، وقامت هذه الدول بتمويل تفكيك الدول القومية ، بعد تفكيك العراق عام 2003م بالقوة بتمويل عربي وتسليمه لفارس وتحويل ساحتة الى صراع طائفي سني شيعي .

بدأت خطة التغيير من الداخل والتي عرفت بخطة الفوضى الخلاقة لتفكيك بقية الدول القومية العربية دولة تلو الاخرى وبتمويل عربي.

كانت مصر القائدة للجامعة العربية تنقاد للدول التي تعمل على تفكيك الدول القومية ووصلت الخطة تفكيكها في عام 2011م ، ورغم أن المؤسسة العسكرية أفشلت ذلك في عام 2012م ، لكن لازلت سياسة مصر منكفئة على ذاتها .

لم تنجو من سيناريو تفكيك الدول العربية القومية وسلخها من هويتها القومية سوى الجزائر وتونس، بعد انتخاب الرئيس قيس بن سعيد ولذلك تجد أن موقفهما من الأحداث الحالية هو موقف عربي قومي مشرف ولكن الدولتين بعيدة عن مسرح الأحداث والذي يجعل هذا الموقف غير مؤثر .

مخرجات الربيع العربي هي وفق ما تم رسمه من قبل امريكا ، والذي تم الإشارة لذلك في كتاب القوة الناعمة لمؤلفه جوزيف س ناي مستشار وزارة الدفاع الأمريكية الصادر عام 2005م ، وهو صراع سني شيعي.

الان الصراع في اليمن ، العراق ، سوريا ، سني شيعي وفي ليبيا صراع طائفي ، والسودان دخل في صراع داخلي لم تتضح صورته حتى الان لكن الممول واحد.

كل تلك الصراعات هي بتمويل من الدول التي أعطيت الدور لقيادة الوطن العربي فكيف يمكن لهذه الدول التي تقوم بتمويل سفك الدماء وتمزيق الدول العربية القومية أن تقوم بقيادة العرب لإنقاذ سفك دماء الشعب الفلسطيني في غزة !!!

14نوفمبر 2023م


طباعة   البريد الإلكتروني