معاناة المرأة اليمنية

معاناة المرأة اليمنية

معاناة المرأة اليمنية

نسرين الصبيحي

معلومٌ أن النساء والأطفال يتصدرون قائمة الضحايا في الحروب، وحالهم في اليمن يكاد يكون الأشد بؤسا في مناطق الصراع، ويلقي إمعان الحوثيون باستمرار الحرب ورفض السلام بظلاله القاتمة على حالهم ووطنهم، فتتوقف عجلة الحياة والتطور والنمو ويصبح اليمن أكثر تراجعا عن ركب تقدّم الشعوب الأخرى.

إن صمود المرأة اليمنية أمام هذه الصعاب
، و المجاعة التي تهددها وأسرتها، أمام الزينبيات اللاتي يشكلن يد قمع وإرهاب وعنف إضافية ضدهن، يستدعي فعلا أكثر موضوعية وفاعلية في دعمها وتمكينها اقتصاديا وتعليميا وصحيّا.

شهدت خلال زياراتي إلى اليمن والريف اليمني على وجه الخصوص أنواعا كثيرة من العنف الممارس ضد المرأة، وثّقت في أحد أفلامي عديدا من النساء يجبرن على الانجاب وإن كان ذلك يهدد صحتهم ، فالتعامل معها كأداة للإنجاب ، لا تستطيع أخذ موانع للحمل تحت تهديد الرجل بطلاقها أو الزواج بغيرها ، وكذا تجهيل المرأة صحيا وغذائيا، وأغلب النساء اللاتي قابلت لا يعرفن تاريخ ميلادهن.

في صعدة مثلا لم أرى امرأة واحدة في الأماكن العامة خلال زيارتي للمحافظة والتي استمرت أيام وعندما سألت عنها ،قالوا : مكانها البيت ومن البيت الى القبر.
آخر نموذج يمكن أن أطرحه وهو ما لم أتخيل وجوده الا بعد أن قابلت بعض النساء في مستشفى الثورة في صنعاء ، بعض النساء في الريف تتعرض أثناء الولادة الى الناسور الولادي نتيجة الولادة الخاطئة فتصاب بتبول لا إرادي وخلافه ، ومن هنا تبدأ رحلة عذابها بضرب الزوج لها لعدم تفهمه لمرضها وكثير من الحالات أعيدت المرأة الى بيت والدها، ولم يكونوا ذويها بأفضل بل ضربوهن وعذبوهن معتقدين أن ذلك سيثنيها عن التبول اللإرادي، وأذكر إحدى الحالات تزوجت بعمر ١٢ عام وبعد الولادة الأولى أصيبت بالناسور الولادي ولم يفهم زوجها الحالة وكان يضربها لشهور ومن ثم أعادها الى بيت أبيها وأهلها لم يتحملوها ، فبنوا لها قفصا أمام البيت مهيأ بالفراش والطعام والماء وبعد سنوات كبرت البنت وزاد طولها ولكن لأن القفص كان قصيرا نمت الفتاة محنية الظهر ومن ثم فارقت الحياة نتيجة الاهمال .

يفترض أن تكون المرأة اليمنية معززة مكرمة في وطنها آمنة مطمئنة بين ومع أبنائها....
لكن أبناؤها إمّا قتلى أو يواجهون بعضهم بعض على الجبهات أو يتناولون بعضهم على صفحات التواصل الاجتماعي ، فتزداد هوّة التشرذم والانقسام والأحقاد بينهم ، الذي لن يثمر في النهاية إلّا عن ضعف وعجز عن الحفاظ على وطنهم ومستقبله.

نعم أفلامي تسلّط الضوء على حياة اليمنيين من الداخل في ظل سيطرة الحوثي ، وقمت بإنتاج العديد من الأفلام التي تظهر الحقائق بتجرد وموضوعية .

أعترف لم أكن حيادية في الطرح ، حيث أنا شديدة التطرف في إنصاف المدنيين العزّل ، وكذا مع الأطفال الذين لا ذنب لهم إلا انهم وُلدوا في ظل حرب ، وأيضاً شديدة التطرف في دعم المرأة المخذولة هناك وفي كل مكان.

*مخرجة أردنية


طباعة   البريد الإلكتروني