الوفاق نيوز ينفرد بنشر قرأة الباحث محمد ناجي أحمد لمذكرات الشيخ أبوحورية المثيرة للجدل

 الوفاق نيوز ينفرد بنشر قرأة الباحث محمد ناجي أحمد عن مذكرات الشيخ أبوحورية المثيرة للجدل

كتب محمد ناجي أحمد (الوفاق نيوز): مذكرات اللواء الشيخ أحمد إسماعيل أبو حورية
من الصف الملكي إلى الجمهورية والوحدة
حكاية فيها الكثير من البوح وقدر من التحيزات
الحلقة الأولى
1
كتاب "شهادتي .. وشواهدي" للواء الشيخ أحمد إسماعيل محمد أبو حورية- من إصدارات مكتبة الجيل، ناشرون-1442هـ -2021م.
كُتِب بأرضية معلوماتية عيانية، وبلغة تحليلية واستنباطية، وبخلفية ومرجعية بحثية تحيل القارئ إلى أصابع مراجع الكتاب ، الدكتور حمود العودي.
فمقدمة الكتاب ومنهجيته وتأليفه وفق مرجعيات ودراسات بحثية، تشير إلى متمكن في الدراسات الاجتماعية، وإن صيغت بضمير المتكلم.
ابتداء من التمهيد "عن كتابة المذكرات" والإشارة  إلى جذور كتابة المذكرات، لدى جالينوس وأرسطو، مرورا بإشارته  لمذكرات وسير أسامة بن منقذ وابن خلدون ومخائيل نعيمة في "سبعون أو حكاية عمر" و عباس العقاد في "أنا" و "حياة قلم" وطه حسين في "الأيام" ومذكرات "مونتجمري" و "رومل"  وسعد الدين الشاذلي، وديجول، وسارتر، وتشرشل، وإيزنهاور، والأسودي والمقبلي، والأشول، والعديد من الكتب التي سردت حكاية 1948، وثورة 26سبتمبر و14 أكتوبر- ووصولا إلى منهجية الكتاب ومحتوياته، كان العقل البحثي يمتزج مع سرد المعلومات والحكايات. ويشير إلى مزيج بين صاحب المذكرات وعقلية المراجع لهذا الكتاب.
كانت أولى المهام الملكية عند انضمام أحمد إسماعيل أبو حورية للصف المناوئ للثورة السبتمبرية والجمهورية هو اشتراكه في هجوم على بني صُليح، واستمرت المعركة إلى الصباح :" وعندما أشرقت الشمس تبين لنا أن صالح بن علي الهيَّال أحد كبار بني جَبْر مصاب فوق جمل وكان هناك شخص لم أعرف وقتها أنه يهودي يمني (وكان على رأسه شال شديد السواد وله بشرة شديدة الحمرة) إلاَّ بعد أن قرأت كتابا للأستاذ محمد حسنين هيكل يصف فيه اليهود اليمنيين الذين جاؤا من إسرائيل ويقومون بالإرشاد كخبراء للتعامل مع الدبابات والألغام، ويشاركون في الحرب بتقديم المعلومات والإرشاد للطرف الملكي وما كانوا يحملون سلاحا ويتمتعون بصلابة وجَلَد في الأداء." صـ78.
ما يشير إليه أحمد إسماعيل أبو حورية هنا عن دور اليهود اليمنيين الذين تم استقدامهم من إسرائيل ليشاركوا في حرب الملكية ضد الثورة والجمهورية فيه رد واضح على من يقول بأن الصراع مع إسرائيل ليس شأنا يمنيا، ويؤكد بما لا يدع مجالا للشك أن دور اليهود اليمنيين الذين تصهينوا وقاتلوا في الجيش الإسرائيل، هاهم يعودون خلال سنوات الحرب التي نعيشها، وطيفت اليمن – يعودون من خلال أدوار عديدة من بينها الفن والثقافة، بتكامل بين المشروع التطييفي والتطبيعي في آن. إسرائيل ليست بعيدة، إنها في كل ثنايا مشروع التطييف والتطبيع!
أخذ "احمد إسماعيل أبو حورية" عام 1965 دورة في "عدن" لتعلم اللغة الإنجليزية المتعلقة بالأسلحة، وكان التواصل بين الأمير "عبدالله بن الحسن" وأمير بيحان "ليتأتى لنا التعامل مع الأجهزة التي استلمتها قيادة الملكيين حينها، من شخص بريطاني اسمه (جون كوبر)" والدورة كانت بالتنسيق بين الأمير عبد الله بن الحسن وحكومة اتحاد الجنوب العربي، ممثلة بوزير داخليتها الشريف حسين أحمد الهبيلي، أمير بيحان، حضر الدورة "أحمد إسماعيل أبو حورية" و زميله "أحمد سعيد رُكْن" صـ82-83.
وبسبب احتدام معارك التحرير ضد الاستعمار البريطاني في عدن لم تتجاوز فترة الدورة الشهرين، وعادوا عن طريق الجوف إلى سنحان، محملين أسلحة من هناك إلى خولان.
وعن إمدادات الملكيين بالعتاد والمؤونة، يقول المؤلف، كانت الطائرات تنطلق من جزيرة كمران لتسقط المؤونة والعتاد للقوات الملكية " وكنت أعتقد بأن تلك الطائرات تأتي من بريطانيا فيما اتضح لي بعد عشرات السنين ومن كتاب قراته للأستاذ محمد حسنين هيكل أنها في حقيقة الأمر كانت تنطلق من جزيرة كمَران في شطرنا الجنوبي من الوطن..."صـ86.
كانت الطائرات التي تمون القوات الملكية تنطلق جزيرة كمَران في الشطر الجنوبي المحتل بريطانيا، وكذلك من الأراضي السعودية، فالحرب على الثورة اليمنية كانت ملكية سعودية بريطانيا أردنية إيرانية مغربية إسرائيلية، مع عديد مرتزقة تم جلبهم من أوربا.
إنها حرب ضد ما سماه "علي محسن" "المد القومي" وهي حرب قادها بحسب علي محسن الملك "فيصل بن عبد العزيز".
ففي حوار مع علي محسن قبل سنوات في صحيفة "أخبار اليوم" الممولة منه والتابعة له، وكذلك في صحيفة "عكاظ" يقول علي محسن، لقد حاربنا المد القومي في اليمن لمدة سبع سنوات بقيادة الملك فيصل وانتصرنا عليه...
و"علي محسن" هنا يؤكد بأنه كان في الصف الملكي يقاتل ضد الثورة والجمهورية لسبع سنوات، ومع ذلك نجد تحيزات "أحمد إسماعيل أبو حوارية" في كتابه هذا، يحدثنا عن اجتماع مقاتلين ملكيين عام 1968، اثناء جهود لقاسم منصر المنشق عن الملكيين، ومحاولته إعادة مقاتلي سنحان الملكيين إلى الصف الجمهوري، يحدثنا "أبو حورية" عن علي محسن بأنه كان من مقاتلي الصف الجمهوري، وفي سياق لاجتماع مقاتلين ملكيين، وبما يتناقض مع ما صرح به "علي محسن" من قتالهم في صف واحد مع الملك فيصل لسبع سنوات، ضد المد القومي الذي قاده جمال عبد الناصر!
أحمد المسعودي وعبد الله عبد العالم في مذكرات أبو حورية:
يتحدث المؤلف عن أحداث جرت في حرب الشمال والجنوب عام1972، وتشكيل لجان لتثبيت وقف إطلاق النار، ومن ذلك لجنة لوقف إطلاق النار في البيضاء ومكيراس، فيقول "وقد استرعى اهتمامي ملازم أول أو نقيب قائد إحدى فصائل المظلات، وعرفت فيما بعد اسمه أحمد أحمد المسعودي، لدى تلفظه بعبارات قبيحة بحق قائده ورئيسه (عبدالله عبد العالم) متجاوزا حدود الدب والانضباط العسكري واحترام المرؤوس لرئيسه وهو يتحدث إليه عن إطلاق النار على اللجنة باعتباره-كما يقول- اعتداء على اللجنة كان ينبغي الرد عليه بينما لم يستجب عبد العالم لذلك ظنا منه أنه كان إطلاق نار ترحيبي، فاستنكرت طريقته في الخاطب مع رئيسه وقلت له: أنت تجاوزت حدود الأدب واللياقة." صـ158.
وعن أحداث 13ينيار 1986م يزعم المؤلف أنه كان لديه إطلاع أو "كشف" وتوقع بحدوث كارثة 13يناير، بل ويرى أن للرئيس علي عبد الله صالح دورا في الإعداد لها. يقول المؤلف :"وبالمناسبة أحسب وبكل تواضع أنني واحد ممن كانوا يتوقعون حدوث تلك الأحداث قبل وقوعها، ومؤشر ذلك عندي اطلاعي أو قُل (كشفي) قبيل فترة وجيزة من تفجرها لوساطة طلبها الشيخ محمد علي أحمد الشَّعَوِّي من الشيخ محمد ناصر العامري، فحواها الترتيب مع الرئيس علي عبد الله صالح، لما من شأنه لقاء الشَّعَوِّي بالرئيس سرًا والمجيء من أبين إلى صنعاء ليلا ومغادرة الأخيرة لها ليلا أيضا، واحسب أن ما حدث بعد 13يناير 1986، له صلة بذلك اللقاء وثمرة من ثماره المُرَّة، فكان كما يقال (أمرٌ دُبر بليل)؟!" صـ203.
فارس السقاف مديرا لمكتب أبو حورية:
وعن حرب 1979م بين الشطرين يتحدث أحمد إسماعيل أبو حورية عن إمداد اللواء الخامس الذي كان تحت قيادته "بثلاثة آلاف مجند ممن أنهوا الثانوية العامة لأداء واجب الخدمة العسكرية الإلزامية لدينا (ومن بينهم أبناء قيادات كبيرة يومذاك، أذكر منهم نجل عبد العزيز عبد الغني ونجل عبد الله الأصنج، فكانوا محط رعايتنا وإشفاقنا لحداثة سنهم، وطراوة عودهم، ولقسوة الحياة في المنطقة ووعورة تضاريسها، فضلا عن صعوبة الظروف التي جيء بهم فيها، وقد استرعى اهتمامي ولفت نظري من بينهم، شاب مؤدب، نبيه، مثقف واسع الاطلاع، أصبح عقب مجيئه إماما وخطيبا للجمعة في المعسكر، (مما جعلني اتخذه مديرا لمكتبي في قيادة اللواء) وقد عرفناه باسم فارس علي أحمد، والذي أصبح بعد سنوات طوال يُعرف بـ(فارس السَّقاف)! ولست أدري ما هي الأسباب التي كانت تمنعه في ذلك الحين من إظهار لقب السقاف وتضطره لإخفائه!" صـ204.

الحلقة الثانية
 
مذكرات اللواء الشيخ أحمد إسماعيل أبو حورية
من الصف الملكي إلى الجمهورية والوحدة
حكاية فيها الكثير من البوح وقدر من التحيزات
2
مؤلف الكتاب "أحمد إسماعيل أبو حورية" ممن التحقوا بالصف الجمهوري بعد انضمام الفريق قاسم منصر عام 1968م، حين التحق معظم مقاتلي سنحان عام 1969م، الذين كانوا في الصف الملكي، واشترطوا يومها أن يجمهروا على يد الشيخ عبد الله بن حسين الأحمر، كما يذكر ذلك الشيخ عبدالله في مذكراته، من أن سنحان رفضت أن تجمهر إلاّ على يده، باعتباره شيخ حاشد، وسنحان من حاشد، كما ورد في مذاكرات الشيخ عبد الله.
وقدتمت تسوية أوضاعهم في الجيش وفق رتبهم التي كانوا عليها وهم يقاتلون مع الملكيين.
أصبح "أحمد إسماعيل أبو حورية" قائدا عسكريا لأحد الألوية في البيضاء، في عهد الرئيس عبد الرحمن الإرياني، ومن رجالات الحركة التعاونية في سنحان في عهد الرئيس الحمدي، إضافة إلى عمله في الجمعيات الخيرية لمنطقة سنحان وبلاد الروس، ثم تعيينه عضوا لمجلس الشعب التأسيسي في عهد الرئيس أحمد حسين الغشمي، ثم استمر قائدا للواء البيضاء، وعضوا في مجلس النواب في عهد الرئيس علي عبد الله صالح، وهو أحد مؤسسي  مركز "منارات" للدراسات التاريخية والمستقبلية، ورئيسا لهيئته التنفيذية.
وهو شاعر حميني مجيد، وفقيه في الأعراف القبلية، ومحكم في العديد من قضايا الاشتجار سواء تعلق ذلك بالدماء أو بالأراضي، أو الميراث، أو الصراعات القبلية، إلخ.
كما يحكي كتابه هذا، بصفحاته الـ"1023".
رؤساء في ميزان "شهادتي.. وشواهدي":
شخصية الرئيس إبراهيم محمد الحمدي تتبدى في هذا الكتاب "كما عرفته وعرفه غيري من ملايين اليمنيين، متعددة الإشراقات أو الأبعاد، إذ أن فيه عدل القاضي وصرامة القائد وحنكة السياسي وحنان الأبوة للأصغر منه سنا وتجلة البنوة لمن يكبره في السن، إجادته فن التخاطب مع كل فئات المجتمع باللغة التي تشعر أنه واحد منها، وقبل هذا وذاك إنسانية الإنسان، إذ كان المواطن-أي مواطن- يأتيه غاضبا حانقا، ولا يغادره إلاَّ باسما منبسط الأسارير. وأحسب أن خير ترجمان للسان السواد الأعظم من اليمنيين في الحمدي وعن شخصيته قول الشاعر مُسْلِم بن الوليد:
عوَّدتَ نفسك عادات خُلِقْت لها
صدقُ الحديث وإنجاز المواعيد
وإن كان ثمة ما يحسب عليه وعلى عهده فهو أن الرجل بلغت به بساطته وثقته بنفسه حد إنه لم يحسب حسابا لـ(الدبابير) التي أدخل يده في عشها، و(الشياطين) الذين صفَّدهم في عهده، فضلا عن أنه ما كان يجيد العمل بتلك المقولة الذائعة(الغاية تبرر الوسيلة) وإنما إجادته وإتقانه كان ينصب في قوله وعمله، وفي فكره وممارسته في العمل بمبدأ (شرف الغايات من شرف الوسائل)، ودون شطط أو مغالاة فإن عهد الحمدي عهد متفرد غير مسبوق، بل وغير ملحوق (على الأقل إلى الآن)، ولأن اليمن نجابة وما كانت عاقر في يوم من الأيام فما من شك أنها لن تضِنّ بـ(الحمدي) آخر، ولكن العلم عند الله وحده بمجيئه ويوم ميلاده، وحسبنا أن نتباهى أمام الأبناء والأحفاد أننا ممن عاشوا عهد الحمدي ويعيش فينا عهده" صـ238.
لقد تميز عهد الحمدي على قصره، ثلاث سنوات وأربعة أشهر "بدوران عجلة التنمية في مختلف مناحي الحياة (مياه، سدود، طرقات، كهرباء، زراعة،...) ولمس فيه الشعب مصداقية القول وتجسيده عملا... ففي عهده استتب الأمن، وتسيد العدل، وعرف اليمن رخاء اقتصاديا انعكس إيجابيا على المستوى المعيشي للمواطنين، وأصبح (اليمني) مصان الكرامة داخل الوطن وفي المهاجر، فازداد اعتزازا بانتمائه لوطنه." صـ237.
وعن الرئيس عبد الله السلال يقول بأنه لا أحد يستطيع أن يشكك بإخلاصه ووطنيّته وجمهوريته " ويمكن القول أي شيء عن السَّلال، لكن دون أن يستطيع أحد التشكيك في وطنيته، وإخلاصه للجمهورية وولائه للثورة باعتباره أحد أعمدتها" صـ236.
 وأما الرئيس عبد الرحمن الإرياني "فغادر الحكم مخلفا وراءه ذكرى عطرة طيبة، في وجدان لا أقول كل اليمنيين، ولكن السواد الأعظم منهم." ص237. 
وعن الرئيس علي عبدالله صالح فإن المؤلف يسطر شهادته بسرد عنه يبدأ من تعرفه عليه عام 1957، حين أنشأ الإمام أحمد يحيى حميد الدين ما سمي بـ(الجيش الوطني) ومنه السرية الخامسة (سرية سنحان) التي تشكلت من (186) فردا "وكنت الشخصية القيادية الثانية فيها، وكان علي عبد الله صالح أحد أفرادها، وحين عرفته أول مرة كان عمره (15) عاما، حتى أنه لم يكن يتقاضى معاشا (راتبا) شهريا كاملا، وإنما كان يُمنح معاش (شبل) أسوة بحديثي السن الذين لا يمنحون معاشا كاملا ويعرفون بـ(الأشبال).
وعلى صغره وحداثة سنه إلاّ أنه كان يتمظهر بمطهر (الرجولة) جرأة تتجاوز حدود موقعه كجندي، شهامة الفرسان، ورعونة الشباب، قسوة في التعامل مع مخالفيه في الآراء والمواقف، مناصرة من يصنفهم ضمن محبيه وأنصاره سواء كانوا على حق أو على باطل.
لدى وجوده في سرية سنحان كان كثير العراك والمشاحنة مع زملائه في السرية، وكثيرا ما حُبس بسبب ذلك... ما كان يغضب أو يخجل من أن يروي بنفسه او يسمع من غيره الحديث عن هذه المواقف واشباهها باعتبارها جزءا من حياته ... عُرف علي عبد الله صالح لدى جنديته في سرية سنحان بأنه كثير الفرار وأمثاله يجازون بخصم أجر يومين (قسطين) من رواتبهم عن كل يوم غياب (فرار) ولدى عودته من حالة (فرار) ذات مرة، عرض عليه كاتب المعاشات في السرية ولقبه الغَسَّالي أن يرفع عنه الأقساط مقابل أن يمنحه علي عبد الله صالح نصف ريال لا أكثر، فرفض الأخير عرض الكاتب رفضا قاطعا، مؤثرا استقطاع الأقساط على منح الغَسَّالي النصف الريال... عدم تحبيذه أن يكون أحد ممن يحيطون به ويعملون معه له (وجه أبيض).
المعروف بحسب مذكرات اللواء علي محمد صلاح أن علي عبد الله صالح كان قد تم توزيعه للعمل في آنس عام 1958م، ويروي علي محمد صلاح أنه تعرف عليه هناك، وكيف كان علي عبد الله صالح نشيطا في أخذ التنافيذ من زملائه مقابل تقاسم الأجرة معهم. وهذا يعني أن معرفة أحمد إسماعيل ابو حورية بعلي عبد الله صالح حين تجند بـ(سرية سنحان) لم تتجاوز عام 1957م.
-عدم ثقته إلاّ في قلة قليلة من المحيطين به... يبعد عنك وينساك، فإذا ما دعت الدواعي قربك منه وما ضنّ عليك بشيء.
اقتناص الفرص وانتهازها حد المغامرة أحيانا.
استمالة الناس بكرمه وسخاء يده( وإن كان من خزينة الدولة)
ذكاؤه الحاد الذي مكنه من اللعب بكل الخيوط داخليا وخارجيا والرقص على رؤوس الثعابين لأكثر من ثلاثين عاما... فلا يستطيع احد أن ينكر أن الله قد وهبه ذكاء حادا لا ينافسه فيه أحد، وقدرة على إعطاء كل ذي حق حقه ومكانته ومخاطبته باللغة التي يفهمها، إن كان تاجرا أو سياسيا أو شيخا أو مفكرا... إلخ، فضلا عن ذاكرة وهاجة متقدة فحينما تذكر له اسم شخص ما تشعر وكأن فيلما يمر بذاكرته عن الشخص المذكور...
أضف إلى ذلك تعامله مع كل شخص وفق الظرف الراهن الذي يعيشه، ومقتضيات مصلحته منه، وحاجته إليه، وثقله في الوسط الاجتماعي الذي يعيش فيه، ومدى قربه أو بعده من النظام.
في بعض المواقف يتغلب عليه (سواد الصدر) دون أن ينكر مالك أو ما يحسبه لك من المحامد، وفي مواقف أخرى تجده فخورا متباهيا بك، وانت على يقين من عدم رضاه عنك. صـ240-242.
بدء الخلاف مع حميد الأحمر:
عند وفاة الشيخ عبد الله بن حسين الأحمر كان الرئيس علي عبد الله صالح –بحسب المؤلف- غير مرتاح لتلك الترتيبات القبلية، لعدم ارتياحه لـ"الحمران" وذلك بسبب خلافاته معهم، والتي أشعل فتيلها استبعاد (حميد) من عملية وضع النقاط الحدودية، الفاصلة بين اليمن والسعودية. ويبدو أن تمسك الشيخ عبد الله بن حسين الأحمر بملف الحدود وما يترتب على ذلك من مصالح، جعل ملف الحدود خطا أحمر لمن يقترب منه أو ينافسه، بل كان ذلك الملف سبب التنافس والضغينة بين الشيخ عبد الله والدكتور عبد الكريم الإرياني...
حين سأل أحمد إسماعيل أبو حورية الرئيس علي عبد الله صالح عن سر معاداة وخصومة حميد الأحمر له؟ 
أجابه الرئيس : "هو غاضب لأنه كان سيتحصل على (كوميشن) يصل إلى أربعمائة وسبعين مليون دولار، من عملية تحديد المعالم ووضع النقاط الحدودية بين المملكة واليمن، وقد خصمنا عليه من المبلغ استحقاقات للدولة أو شيء من هذا القبيل، ولم يتبق له سوى سبعين مليون دولار،  وهذا ما أغضبه" صـ317.

الحلقة الثالثة
 
مذكرات اللواء الشيخ أحمد إسماعيل أبو حورية
من الصف الملكي إلى الجمهورية والوحدة
حكاية فيها الكثير من البوح وقدر من التحيزات
 
كان أفق توقعي قبل قراءتي للكتاب أن المؤلف سينحاز كليا لعلي محسن، بحكم الزمالة منذ أن كانا يقاتلان معا في الصف الملكي ستينيات القرن العشرين، في مواجهة الثورة والجمهورية، لكن الكتاب خالف توقعاتي، فباستثناء شهادته لعلي محسن بأنه كان مقاتلا في الصف الجمهوري، وهو ما لم يكن، فقد حرص المؤلف على أن يكون وسطيا محايدا، ومنصفا وعادلا أحايين، في سرده وشهاداته ومشاهداته لمحطات سياسية عديدة، وصولا إلى تفجر الصراع بين "عيال الأحمر" و"علي محسن" كطرف في مواجهة الرئيس علي عبد الله صالح، حين طالبوا واصطفوا جميعا منذ ما بعد ما سمي بجمعة الكرامة، ملتحقين بحليفهم الأيديولوجي والتنظيمي الإخوان المسلمين، متبنين شعار "الشعب يريد إسقاط الرئيس" و "ارحل يا علي، الكرسي تحتك ذحّل".
لقد تمسكوا بالنظام ودستوره، وطالبوا بإسقاط  "الرئيس" الذي كان "مظلة"، و"راقصا على رؤوس الثعابين".
الكتاب من وجهة نظري مهم في توثيقه ووثائقه، وفي مشاهداته، وشواهده، بل إن تميزه بالجمع بين ثقافة المجتمع القبلي والسياسي والأدب الشعبي، ممزوجا بثقافة بحثية، نجد فيها أصابع الدكتور حمود العودي واضحة ، في مراجعه الدراسية، وأرضيته الاجتماعية.
المذكرات السياسية بطبيعتها وبنيتها السردية تنطلق من الذات العالمة والمتحكمة والموجهة للحكايات والمسيطرة على الأحداث، تلك طبيعة المذكرات السياسية والسير الذاتية، إلاَّ أن هذا الكتاب متخفف من التضخم في الادعاءات، فهو ذاكرة وكتاب في السياسة والاجتماع والمعرفة في آن...
كان أبو حورية في الصف الملكي، وقاتل معها ضد الجمهورية والثورة طيلة سبع سنوات، وبعد انضمام الفريق قاسم منصر للصف الجمهوري عام 1968م بدأ موسم الهجرة نحو ضفة الجمهورية، فكانت التسوية والمصالحة الملكية /الجمهورية في مايو 1970م، وما سبقها من خطوات في عام 1969، وفي مارس 1970م-استعادة لفكرة "الدولة الإسلامية" أو "جمهورية المشيخ" كتحالف لقوى المشيخ وكبار الضباط والإخوان المسلمين وحزب البعث، تلك التي رسمت خارطة الطريق للجمهورية العربية اليمنية، ثم الجمهورية اليمنية، باستثناء ثلاث سنوات وأربعة اشهر، كانت سنوات استعادة للمسار الثوري السبتمبري، متجهة نحو التنمية والسيادة والقرار الوطني المستقل والسعي بخطى حثيثة لاستعادة اليمن الواحد والوحدوي. 
يحكي المؤلف قصة مركز "منارات" وتأسيسه من عشرات الشخصيات اليمنية، فقد كان المركز حلما تبناه المؤلف، رغبة منه أن يكون مركزا للدراسات التاريخية واستشراف المستقبل، وقد ترأس "المؤلف" مجلس إدارة المركز، وسعى وغيره من المؤسسين لإقناع علي محسن أن يكون رئيسا فخريا، إلاّ أن الأخير رفض الرئاسة، واستمر كأكبر داعم مادي ومعنوي للمركز. ومع ذلك فإن "أبو حورية" ينفي تبعية سياسة المركز لعلي محسن، ويشير إلى أن الرئيس علي عبد الله صالح، وجه رئيس الوزراء علي مجوَّر في العام الثاني من تأسيس مركز "منارات" عام 2008م باعتماد 25مليون ريال سنويا دعما للمركز.
وساطات أبو حورية ورغبته في لملمة رؤوس الثعابين و مظلتهم:
في تاريخ الأربعاء يناير 2012 حمل "ابو حورية" رسالة للواء علي محسن من الرئيس علي عبد الله صالح، طالبه فيها الأخير بتسليم المشاركين بحادث التفجير في دار الرئاسة، والذي ذهب ضحيته عدد من المسئولين والضباط، وفي مقدمتهم عبد العزيز عبد الغني، واحترق الرئيس صالح بحروقات مميتة، تم إسعافه إلى الملكة السعودية، والولايات المتحدة الأمريكية ليستعيد ويواصل دوره في الصراع السياسي، الذي انتهى بقتله في 4 ديسمبر 2017 على يد الحوثيين. فما عجز عنه علي محسن وعيال الأحمر والإخوان المسلمين أنجزه لهم الحوثيون...
لقد تم اختيار العناصر المتهمة بتفجير دار الرئاسة من كوادر الإخوان المسلمين بحيث يمثلون عديد جغرافيات وقُبَل يمنية: "محمد حزام الغادر" من عيال سريح ، عمران، و "عبد الرحمن عبده الوشاح" من المحويت، وفضل صالح ذيبان" من رداع، ولبيب مدهش علي حزام من تعز، ومحمد أحمد علوان من تعز. صـ398-399.
يبدو أن "الإخوان المسلمين" كانوا أكثر تطرفا داخل مكونات التجمع اليمني للإصلاح، والتي تشمل عيال الأحمر وعلي محسن وكبار التجار والضباط...
ليس فقط بما يتعلق بانتماء المتهمين بحادث التفجير، وإنما كذلك من خلال التصريحات والآراء داخل قيادات "اللقاء المشترك".
ففي لقاء بين لجنة الوساطة ومنهم "أبو حورية" و "اللقاء المشترك" بحضور صادق الأحمر، قبل انضمامه لساحة التغيير، قال محمد قحطان بالنص الحرفي: " علي عبد الله صالح طالق طالق طالق. فرد عليه (صادق) بلهجة زاجرة : يا قحطان ما أحد يطلق إلاّ مرته عند حاكم شرعي، وبعد تداول الآراء واخذ ورد انتهى على أن نواصل عصرا. وبالفعل التقينا عصرا في بيت حميد الأحمر، كان عدد الحضور أكثر ممن شاركوا في حضور اللقاء صباحا إذ كان عدد من حضروا عصرا لا يقل عن ثمانين شخصا جلهم من كبار (الإصلاحيين)، وقد تحدث عدد غير قليل من الحاضرين، فجاءت أحاديث البعض عقلانية، موضوعية متزنة _(ياسين سعيد نعمان كمثال)، فيما البعض  جاءت أحاديثه نزقة، طائشة، متطرفة، متجاوزة كل المحاذير والخطوط الحمر (قحطان، صخر الوجيه، علي عبد ربه القاضي كمثال) وأبعد من هؤلاء في الشطط والشخصنة حميد الأحمر، فقد أسمع الحضور كلاما بحق وفي شخص الرئيس مسيئا لقائله دون أن ينال ممن فيه شيئا فيصدق عنه القول الشعبي (من فمه إلى لحيته)" صـ416.
وفيما يتعلق بوساطة "ابو حورية" و "غالب القمش" وآخرين، حين احتد الصراع بين الرئيس علي عبد الله صالح من جهة وعيال الأحمر من جهة ثانية، بما عرف بأحداث الحصبة، يقول المؤلف : بأنه حين نصح البعض أن يخرجوا من بيت الشيخ صادق لينقذوا أنفسهم من الموت، وحمم القذائف، اعترض حميد الأحمر " وإثر حميد نهض أحد الحاضرين لقبه أبو حاتم من نهم (ربما يقصد حاتم أبو حاتم؟) وبعلو صوته خاطب من كانوا حضورا : لا تصدقوا (أبو حورية) لا تتبعوا كلامه، إلاَّ إذا خرج هو أولا.
وهنا وعلى الرغم من أن الرصاص، والقذائف، كانت تنهال على الشارع وأعدادا غير قليلة ما بين قتلى وجرحى لا يستطيع أحد أن يأخذ قتيلا، أو يسعف جريحا إلاّ أنني عقبت على أبو حاتم بالقول : وأنا مستعد بأن أكون أول من يخرج..." صـ437.
 
الحلقة الرابعة والاخيرة
مذكرات اللواء الشيخ أحمد إسماعيل أبو حورية
من الصف الملكي إلى الجمهورية والوحدة
حكاية فيها الكثير من البوح وقدر من التحيزات
 
العمالقة وأبو حورية والسحرة:
في عام 1973م تم تعيين "ابو حورية" قائدا للقطاع العسكري في قعطبة وعاملا؛ أي مدير مديرية.
ولأن القعطبيين "ميالون في الأغلب إلى المدنية، وينصب اهتمامهم على أعمالهم (تجارة، زراعة وحرف ومهن مختلفة) لهذا فقد كان موقف ضباط العمالقة  من السحر والمس و"الربط" أقرب إلى عدم الإيمان بها، فعندما قام "أبو حورية" بحبس من يمارسون السحر "حين قمنا بتوقيف من اعترفوا أمام الحضور (وأهمهم الحاكم الشرعي) وثبت ضلوعهم بممارستهم لأعمال السحر واحتجزناهم في الدار التي نتخذ منها مقرا لقيادة القطاع العسكري ولـ(العامل) معا إلى أن يصدر حكما شرعيا بحقهم ... لم يلق توجهنا هذا هوى بنفوس الضباط في اللوائين من العمالقة الذين يتبعان للقطاع فتدخلوا لحماية السحرة وإطلاقهم من مكان احتجازهم" صـ176.
يبدو لي ان ضباط قوات العمالقة بقيادة عبد الله الحمدي ما كانوا يومنون بالسحر والمس والربط؛ أي أنهم لم يكونوا يعتقدون بقوة خارقة تتحكم بمصير الناس، في حين أن "أبو حورية" بثقافته ومعتقداته الشعبية والدينية كان مؤمنا بالسحر والسحرة، وقدرتهم على تحديد أقدار الناس ومصائرهم، لقد صور لنا في كتابه هذا أنه كان يحمي الناس من السحرة والسحر، فيما ضباط العمالقة يحمونهم لمصلحة مشتركة بينهم! صـ173-176.
وهم الأنساب:
الكثيرون في اليمن يعيشون داخل النسق البدوي في تفكيرهم ومعاشهم، ولهذا تأخذ الأنساب حيزا كبيرا من اهتمامهم، و "أبو حورية" كغيره يخضع لهذا النسق الاجتماعي.
من هنا يأتي اهتمامه بمسألة "الجذور" فهو ينفي انتماءه للهاشمية والمسيدة، مؤكدا بأنه ينتمي إلى قبائل عرب، وكلمة عرب كانت مرادفة في التعريف للقبائل اليمنية، ففي القرون الماضية وإلى عقود عديدة من القرن العشرين كانت القبائل اليمنية تعرف نفسها بـ"العرب" فعلى سبيل المثال فإن أول تعداد سكاني في مدينة عدن في عهد الاستعمار كان يحدد سكان عدن بـ:
الهنود، الصومال، والعرب، المصريين، الشوام، الأوروبيين.
والمقصود بالعرب اليمنيون.
يؤكد "أبو حورية" بأنه قحطاني حميري وليس بهاشمي، وأن الرئيس علي عبد الله صالح هو من بدأ يشيع في السنوات الأخيرة بأن "أبو حورية" هاشمي، "وبدأ يشيع ويروج منذ أعوام بين "حوارييه" وبطانته وأصحاب الحاجات المترددين عليه (لفكرة أن آل أبو حورية أصلهم سادة-يعني من الهاشميين) ... فقد فوجئت به في الآونة الأخيرة يرسل أفرادا من الهاشميين إليَّ بدعوى أنني هاشمي مثلهم، وآخر من جاءني (حتى الآن) منهم شخص اسمه (عبد الغني حُورية) من صعدة، أخبرني بأنه مرسل من علي عبد الله صالح، وان الأخير قال له: روح عند ابن عمك. وذكر له اسمي، فقلت للأخ عبد الغني أنتم هاشميون ونسبكم يعود إلى السيدة (حُورية) ابنة الإمام الهادي، وأصولكم من صعدة، ونحن قبائل عرب، ومن العيب أن أتنكر لأصلي العربي، وأدعي نسبا غير نسبي! فلم يقتنع بما قلته له وما زال يتردد عليّ من حين لآخر." صـ19-21.
كان ما أشاعه الرئيس علي عبد الله صالح عن هاشمية "ابو حورية" دافعا للأخير للبحث والتقصي في شأن نسبه، والبحث عن الجذور في الوثائق القديمة حسب قوله، ومن ذلك البحث وجد أن جده كان يعرف حتى سنة (1010هـ) بلقب (ابو عشال) ومن سنة 1077 وحتى سنة 1081هـ عرفنا بلقب (الحاج) ومن سنة 1081هـ وحتى الآن حملنا لقب(أبو حورية) ص21-22.
هذه الدقة في التقصي تجعلني أعود إلى ما كتبته في كتابي "المذكرات السياسية في اليمن" عن ذكريات "حسين علي الحبيشي" في جزئه الثاني من محطاته، حين التقاه علي عبد الله صالح أول مرة في رحلة إلى باريس وتونس، مرافقين للرئيس إبراهيم الحمدي، يقول حسين الحبيشي عن صالح "لم يفتأ طوال الرحلة عن توجيه الأسئلة للمعرفة" ويصفه بالمتفرس والقائد العسكري(حينذاك لمنطقة تعز)؛ المتفرس الذي "أراد أن يمتحنني فسألني من أي مناطق حبيش جاء والدي، فأخطأت وقلت: ميتمة بدلا من أريمة، فابتسم غير مصدق. وتلك الواقعة تذكرني بسؤال القاضي الإرياني : كم عمرك؟ فأجبت ولدت في 4-3-1937م، فعلق ضاحكا :هذه هي الدقة في عدم الصدق".
طموح الغشمي وحكاية زامل:
يروي المؤلف حكاية عن علي محمد أبو لحوم يؤكد من خلاله مدى ثقة الغشمي وطموحه واعتداده بنفسه، أن رجلا رفع إلى الغشمي بمذكرة صدرها بالآتي :
الأخ المقدم أحمد حسين الغشمي
رئيس هيئة تطوير تعاون همدان
شيخ مشائخ همدان
رئيس هيئة الأركان العامة
فكان رد الغشمي مذيلا بالآتي:
أخوكم مقدم أحمد حسين الغشمي
شيخ مشائخ همدان
رئيس هيئة الأركان العامة
رئيس هيئة تطوير تعاون همدان
رئيس الجمهورية العربية اليمنية
ويعلق أبو لحوم :كنا نستهين به، ونستكثر عليه الموقع الذي كان يعتليه، وإذا به طامح متطلع لما هو أكبر!. صـ181-182.
كان الغشمي في كل مناسبة يحرص على أن يكون كبيرا، ففي صرفياته وعطائه كان يمنح الآخرين أموالا أكثر مما يمنحهم الرئيس إبراهيم الحمدي. وفي مناسبة تزويجه لأخيه عبد الله وابن أخيه (شيخ همدان حاليا) علي محمد الغشمي أقام عرسا غير مسبوق في ضِلاع، حرص فيه على دعوة كبار رجال الدولة، عسكريين ومدنيين، ووجاهات اجتماعية وقبلية  ومن بعض الأقطار العربية، وقد شاركت سنحان بزامل من تأليف أحمد إسماعيل أبو حورية، يقول فيه:
قال بدَّاع رِبعِه كُل متزمِّل
يا شوامخ غدت بالعز مرهونة
والمعلم لشعبه صار متجمل
عزها مرتبط بالمجد مقرونة
وكان أبرز المتفاعلين المزوملين من سنحان في ذلك الموقف، علي عبد الله صالح، وأحمد فرج، ومحمد العتمي قائد سلاح المدفعية. 
ويبدو أن الزامل قد لاقى هوى في وجدان الحمدي أو مس وترا حساسا لديه، فاستفسر في المقيل عن مؤلف الزامل، فادعى محمد العتمي أنه صاحبه! صـ182-183.
المعروف أن علاقة علي عبد الله صالح بأحمد حسين الغشمي كانت قوية منذ بداية سبعينيات القرن العشرين، بل إن الشيخ يحيى منصور أبو اصبع في مذكراته التي نشرها بحلقات في مواقع التواصل الاجتماعي عن "عبد الوارث عبد الكريم والرئيس أحمد الغشمي" يروي لنا بأن الغشمي كان يحب علي عبد الله صالح ويفضله ويراه اقرب إليه من أشقائه. لهذا لا عجب أن يكون تفاعله وزوملته أكثر حماسا من الآخرين.
زامل حيد الطِّيال:
نسب البعض زامل "حيد الطيال..." إلى الشيخ ناجي الغادر، لأن الغادر استشهد به عند لقاء وفد من الملكيين والجمهوريين، وهنا التبس على الكثيرين صاحب الزامل فنسبوه للغادر.
والمؤلف هنا يعيد نسبة الزامل إلى الشاعر ناصر أحمد الفقيه " فالشاعر ناصر أحمد الفقيه عُرف شاعرا مدراكا سريع البديهة حاد الذكاء، وهو صاحب الزامل المشهور الذي نسبه البعض لآخرين فيما هو للشاعر الفقيه، وأقصد هنا الزامل الذي يقول فيه:
حَيْد الطِّيال اعْلَنْ وجاوب كلِّ شامخ في اليمن
ما با نِجَمْهرْ قط لو نِفْنى من الدنيا خَلاصْ
لو يرجع امس اليوم ولاَّ الشمس تِشْرقْ من عدن
والأرض تِشْعِلْ نار وامزان السَّما تِمْطِرْ رَصاصْ
وقد ظل الشاعر الفقيه على ملكيته، فحين طلب الرئيس علي عبد الله صالح من "أبو حورية" أن يتصل بالشاعر ناصر أحمد الفقيه ليشارك الأخير في أحد احتفالات عيد 26سبتمبر، لكنه رفض، وقد كان سنه آنذاك ما بين(75-80) عاما، وأصر "إصرارا عجيبا على عدم قبوله بأن يقول شعرا يمتدح فيه الثورة والجمهورية، أيا كان العائد المادي أو المعنوي الذي سيناله نظير ذلك (على الرغم من ضيق ذات يده وحالة العوز والفقر التي يعيشها) إلاَّ أنه كان ثابتا في موقفه وراض عما يتخذه ويراه صوابا..." صـ701-702.