رجل الدين حين يكون طبيبا.. الزنداني انموذجاً

رجل الدين حين يكون طبيبا.. الزنداني انموذجاً

مقالات وأراء

رجل الدين حين يكون طبيبا.. الزنداني انموذجاً

جمال حسن

الزنداني جمع خلال فترة من حياته بين رجل الدين والعطار. فمن حديثه عن الإعجاز القرآني الى ما سبق واعلنه باكتشافه علاج للإيدز. ثم تبع ذلك بافتتاح باب العلاج لكل الامراض المستعصية في جامعة الإيمان.

كيف يمكن ان نثق برجل دين يمتلك كل هذا الإدعاء. أذكر ان البعض ذهب للتداوي عند الزنداني من مرض السكر، ولم يفدهم بشيء.

لكن لدينا تاريخ من عدم الثقة بالعلم، لمصلحة مشيئة الله التي يمتلكها أولياء او ذوي البركات، وأيضا قصص العلاج بالقرآن وما الى ذلك، والعلاج بالأعشاب. ومثلا سمعت قصة مصابة بالسرطان اعتمدت على علاج عشبي يتبناها احد الدجالين، وانتهت بتدهور حالتها في فترة قياسية، ايضا هناك مسألة تغيب عن الذين يتداوون بالأعشاب، وهو ان خلط بعض الأعشاب ينتج تفاعل كيميائي خطير على جسم الانسان.

أحيانا نجاح التداوي على صلة بجانب نفسي، والايمان بالزنداني، يمكنه ان يساعد مريض في التداوي، ما لم يكن هناك خليط عشبي خطير. وهذا يعتمد على حرفة العطار.

لكن الزنداني اعتمد على وجاهته الدينية، بحيث ان آلاف مستعدين للدفاع عنه، والتأكيد بأنه على حق، دون وجود تجربة ومشاهدة فعالة، خصوصا في امراض عصية عن العلاج.

واتذكر اني انتقدته في مجلس، وكان هناك احد ابناء رجال الدولة السابقة ووالده من المقربين للرئيس السابق، قال جازما، لحوم العلماء مسمومة. وهذه الوجاهة هي التي منحت الزنداني سطوة لدى معتقدات شريحة عريضة من البسطاء، وتقف خلفها آلة دعائية ضخمة. فيمضي الإدعاء في بحر الخرافة، وتقف الخرافة بصلابة أقوى من الواقع والحقائق، ولمجرد ان هذا الشخص يحظى بتضامن اجتماعي يرى أن كل ما يقوله منزها، تحت عبارة لحوم العلماء مسمومة.

وبالتالي يمكنه ان يضفي على دور العطار، جانبا دينيا وعلميا، ويكون تصديقه بمعزل عن المشاهدة والتجريب، انما خاضع للإيمان الجازم او الأعمى. ومثل هؤلاء هم الأخطر على الأمم، ويقفون عائقا أمام تقدمها. ليس الزنداني فقط، بل اننا نختبر قوة الإيمان الأعمى على واقعنا، وما فرضه علينا من واقع أساسه الجهل والظلم والعذابات.

لست ضد رجل الدين، لكن من الأفضل عزله للشؤون الروحانية، ويمكنه ان يتحدث عن الخطايا التي تلقي بصاحبها في الجحيم، بما في ذلك الدجل والخداع، لكن تنظيم حياتنا تقيمها التشريعات والقوانين التي تحسن الواقع المعيشي، وتساوي بين المواطنين. لأنه مهما كنت صادقا ومخلصا ستكون الخطاء أمام ما يزعمه شخص من أوهام، لأنه رجل دين، وينزهه جيش من البشر حتى لو كان في الجانب الخطأ. وهكذا يستمر الواقع مختلا وغير قابل للإصلاح، وتزدهر مسوح الدين الخادعة، لتمرير التدهور والعذاب بحيث يصبح واقعنا المأساوي عذاب الهي لكثر خطايانا. مع ان كثير من الخطايا، التي يقترفها الناس، يتحمل صاحبها تبعاتها، بينما الخطايا التي يقترفها المنزهون والمحميون بقوة الأمر وقوة الدين تنكل بأمم وأجيال. فلا نفوز بدنيا وفي نفس الوقت لا تضمن لهم جنان الخلد.
#الوفاق_نيوز

*من صفحة الكاتب بالفيسبوك


#الوفاق_نيوز

طباعة