روسيا تُشعل الصراع الجيوسياسي وتقضي على الأطماع الإيرانية

 روسيا تُشعل الصراع الجيوسياسي.. وتقضي على الأطماع الإيرانية

عبدالله السنامي - خاص _ (الوفاق نيوز): أزاحت الأحداث الساخنة في العالم، كالاحداث في شرق أوربا، عن صراع عالمي بدت شرارته من بزوغ روسيا فجأة الى الواجهة لفرض واقع جيوسياسي جديد.
الهجوم الروسي على أوكرانيا، وتصاعد ردات الفعل، والاصرار الروسي، كشفت مدى التنافس الدولي، وتمرد روسيا على الاحادية الامريكية، او ما يعرف صراع الطاقة مدخل للصراع الجيوسياسي واعادة النفوذ ورسم الخرائط، وحتما كل طرق الصراع تؤدي الى الشرق الأوسط. 

روسيا تقضي على احلام ايران

ظلت العلاقة الإيرانية الروسية ظاهراً كعلاقة استراتيجية، لكن في الكواليس، لا ترضى موسكو عن تصرفات الإولى، وتراها امتداد للمشروع الأمريكي، وإن بدء العكس في ذلك، ويبدو ان موسكو تذكر جيدا الدور الإيراني في تمكين الإمريكيين من العراق في 2003، ولذلك كان تدخلها العسكري مباشر في سوريا لدعم بشار الأسد، وفي الوقت نفسه، الحد من النفوذ الإيراني، وتجلى ذلك للقاصي والداني، في تجاهل روسيا للقصف الاسرائيلي المتكرر على مواقع قوات ايرانية وقوات موالية لإيران "حزب الله اللبناني"، بالرغم ان روسيا وضعت دفاعات اس 300 لحماية الأجواء السورية، الإ انها لاتعمل عند القصف الإسرائيلي، وتحدثت مصادر إعلامية عن تنسيق روسي اسرائيلي بهذا الشأن.
 مؤخرا أفشلت موسكو أتفاق ايراني امريكي غربي، كاد ان يرفع العقوبات عنها، ويمنحها الفرصة لامتلاك سلاح نووي، اذ طالبت موسكو من الولايات المتحدة الامريكية بضمانات خطية مقابل موافقة موسكو على الاتفاق النووي مع ايران.

ووفقا لمصادر مطلعة، فقد طلبت روسيا بضمانات "خطية" من امريكا، حول عدم امتلاك ايران للسلاح النووي، وايضا ان لايكون النفط والغاز الايراني بديل عن الروسي، بعد فرض واشنطن وعدد من الدول حظر على الاخير، حيث استشعرت روسيا بالخطر من الاتفاق مع ايران، وهو ما كانت تعمل لدعمه قبل 24 فبراير، ظاهرياً على الأقل، وربما ترى موسكو، ان النظام الايراني يعمل لحسابه الخاص برعاية الغرب وتحديدا امريكا.

عرقلت روسيا في اللحظات الاخيرة امس، الاتفاق النهائي مع ايران بشأن مشروعها النووي، كان سيتم رفع الحظر عنها في حال تم الاتفاق، لكن موسكو اوقفت ذلك وطالبت بضمانات من واشنطن.

ونقلت وكالة "إنترفاكس" الروسية للأنباء عن وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف قوله، إن بلاده تريد من أمريكا ضمانات تكفل عدم إضرار العقوبات المفروضة على موسكو بقدرة روسيا على العمل مع إيران حال استعادة الاتفاق النووي لعام 2015.

ويرى الباحث يحي ابو الرجال، ان "طلب موسكو "ضمان خطي "هو نفس الطلب الروسي من امريكا في اوكرانيا و هذه لها دلالات، وهنا وضعت روسيا الولايات المتحدة في مأزق، إما ان  تقبل باعطاء ضمان لروسيا وهذا  سيجعل خطة الامريكان و الغرب بالاستفادة من الغاز و النفط الايراني غير ذات جدوى، و إما ان ترفض امريكا الطلب الروسي و هو المحتمل و هذا يعني عدم رفع العقوبات على ايران و بقاء النفط و الغاز الايراني رهينة بيد روسيا".

وسرعان ما جاء الرد الامريكي حيث اعتبرت الولايات المتحدة  أن المطالب الروسية الجديدة "خارجة عن السياق" وقد تؤخر نجاح المفاوضات الهادفة إلى إنقاذ الاتفاق النووي الإيراني لعام 2015.

قالت وكيلة وزارة الخارجية الأميركية للشؤون السياسية فيكتوريا نولاند إن روسيا تسعى لجني فوائد إضافية من مشاركتها في جهود إحياء الاتفاق النووي الإيراني.

وأضافت أن روسيا لن تنجح في مسعاها هذا بعد أن أربكت المفاوضات المستمرة منذ 11 شهرا بطلبها في اللحظة الأخيرة ضمانا من الولايات المتحدة بأن العقوبات المفروضة عليها بسبب عملياتها العسكرية في أوكرانيا لن تعرقل تجارتها واستثماراتها وتعاونها العسكري التقني مع إيران.

وقالت نولاند في جلسة أمام لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ الأميركي "تحاول روسيا رفع سقف مطالبها وتوسيع نطاق مطالبها فيما يتعلق بخطة العمل المشتركة الشاملة (الاتفاق النووي)، فنحن لا نلعب، دعونا نعقد صفقة".

كسب ود العرب
اشتراط روسيا عدم امتلاك ايران السلاح النووي، عزز من مكانة روسيا في الشارع العربي، لأن موقفها يصب في صالح الاستقرار بالشرق الاوسط، والذي يبدو انه مقبل على صراع واسع في ظل الحرب الجيوسياسية العالمية.

العلاقة الروسية الايرانية ليست كما يصورها الإعلام الإيراني والموالي له، ووفقا للسياسية و الإجرات الروسية، فإنها لا تحيد عن استعادة سياسة الإتحاد "السوفيتي"، ما يعني ان عينها على  الدول العربية التي كانت حليفة موسكو قبل إنهيار "السوفيت"، كالعراق وسوريا وليبيا واليمن، وباتت الان ساحة للنفوذ الإيراني، وهو ماتراه موسكو غير مقبول، فالتوجه الروسي الصادم لايران ليس الا رأس جبل الجليد من الموقف  الحقيقي لروسيا و المتمثل في رفض موسكو لامتلاك ايران المجاورة لها، السلاح النووي، و يعتقد الروس ان الامريكان و الغرب يسهلون لايران امتلاكه في حالة رفع العقوبات.

ووفقا لمراقبون، فإن موسكو تلعب بذكاء، اذ حشرت واشنطن في زواية إما ايران او الدول العربية، لاسيما والعرب يكنّون عداء ضد ايران، وفي هذه الحالة، امريكا لن تربح إيران، و ستخسر العرب ( الخليج و مصر) واسرائيل في الوقت نفسه، و هذا مكسب روسي في كل الأحوال.

التهديد بالقوة

كثيرا ما استخدم الرئيس بوتين باستخدام السلاح النووي، وهو ما يظهر ان القيادة الروسية عازمة على تمرير مشروعها بالقوة، التغيرات الكبيرة في السياسة الروسية، يظهر استعداد النظام الروسي الى مواجهة أقوى مايمكن في الصراع الجيوسياسي الدولي، إذ يواصل الهجوم العسكري على اوكرانيا المجاورة، وصرح الكرملن اكثر من مرة، انه لن يقبل وجود اي دولة نووية في حدودة، وهذا التهديد يشمل ايران وربما تركيا.

وموخرا ظهرت المدرعات الروسية في اوكرانيا وهي ترفع علم الاتحاد السوفيتي، وهو ما يراه مراقبون تهديداً روسياً لأوربا باستعادة كامل الأراضي السوفيتية.

نظرية بوتين في النظام العالمي الجديد.. 

بات المفكر السياسي الروسي الكسندر دوغين، ويسمى حاليا بالعقل المفكر للرئيس بوتين، هو الموجّه للخطة الروسية، او بالأصح "عرابها"، ودوغين تحدث في نظريته عن عودة الشرق، فعن الدور الصيني المحتمل في المواجهة مع امريكا و صراع المحاور، قال: عندما نكون امام الأختيار بين التحالف مع الصين أو اليابان ضد أمريكا، فإن التاريخ يثبت لنا "الروس" ان الصين لا اليابان كانت القاعدة الأهم للحلف الانجلوسكسون في القارة الاسيوية، بينما اليابان هي الأقرب لنا "الروس"، ولن تنسى "اليابان" الكارثة النووية التي تعرضت لها ولن تنسى استقلالها المنقوص. 

و يقول في نفس السياق عن التحالف مع العالم الاسلامي لمواجهة امريكا و الذي يصوغه في معادلة: روسيا + الاسلام = اوروبا امنة. ثم يضيف: و يجب ان يكون الهاجس المباشر لروسيا في العالم الاسلامي هي ايران لا سواها، مما يستلزم توجه جديد للسياسة الروسية نحو العالم العربي و الإسلامي.
#الوفاق_نيوز