الإذاعات المجتمعية في اليمن.. الحرث في وحول الحرب

الإذاعات المجتمعية في اليمن.. الحرث في وحول الحرب
 

 صنعاء-علاء الدين الشلالي :(الوفاق نيوز): 

لسنوات طويلة ظلت الإذاعات الحكومية في اليمن هي الصوت الأوحد، لعدم وجود منافس لها بسبب القوانين المقيّدة قبل  2011.
وبعد 11فبراير2011، سمحت السلطات المحلية في العاصمة صنعاء، وكذا محافظتا عدن وحضرموت، بإطلاق عدد من الإذاعات الأهلية، المجتمعية، التي تمثل إعلامًا ينطق بلسان محيطه المحلي، بخطاب مغاير عما كان متعارفًا عليه في الإذاعات التقليدية.
لكن جاء عام 2015، والذي مثّل نكسة لتلك الإذاعات لأسباب تتعلق بالحرب وآثارها، فأغلقت العديد منها، وقلصت الأخرى نشاطها. 

لكن مع منتصف عام 2016، بدأت موجة جديدة من إطلاق الإذاعات المجتمعية من مختلف التوجهات، حتى وصل عددها في مختلف أنحاء اليمن، إلى 60 إذاعة.
الآن، وفي خضم الحرب، تثير هذه الإذاعات جدلًا وتباينًا في الآراء حولها، بين من يرى ضرورتها لنقل صوت المجتمعات المحلية، وبين من ينظر إليها كأذرع للأطراف السياسية والعسكرية في البلاد، فضلًا عن أن بعضها تحول إلى إذاعات تجارية.

عراقيل البث

في عام 2012، انطلق من مدينة صنعاء بث إذاعة "يمن تايمز"، كأول إذاعة مجتمعية في البلاد، ليتوالى بعدها افتتاح العديد من الإذاعات التي يصل عددها في صنعاء إلى 26 إذاعة. وفي حضرموت وصل عدد الإذاعات المجتمعية إلى 23، وفي عدن ثمة أربع إذاعات. وجميعها تبث عبر موجات "FM".

العدد الكبير للإذاعات المحلية، أحدث طفرة في العمل الإعلامي الإذاعي، كما انعكس أثره على المجتمع، بأن لعبت هذه الإذاعات دورًا في معالجة العديد من القضايا التي تواجهها مجتمعاتها المحلية، خاصة إثر الحرب وتداعياتها، كما قال لي أستاذ الإعلام بجامعة سدني، محمد معمر الشميري.

ويوافقه في هذا، علي الموشكي، رئيس شبكة الإذاعات المجتمعية في اليمن، والتي تأسست  بالتزامن مع اليوم العالمي للإذاعي، 13 شباط/فبراير.

ومن خلال الشبكة، استطاع علي الموشكي وعدد من زملائه ممن يديرون إذاعات مجتمعية؛ إنتاج برامج مشتركة متخصصة في نشر "ثقافة السلام" و"الدعوة إلى وقف الحرب"، من ذلك مثلًا برنامج "بسمة وطن" الذي يبث أسبوعيًا على العديد من المحطات الإذاعية، تبث من مناطق مختلفة، تسيطر عليها أطراف مختلفة.

صرح الموشكي لي قائلًا إنه "رغم المشكلات والضغوط والعراقيل التي تعاني منها الإذاعات المجتمعية، فإننا وكافة القائمين عليها، نسعى إلى تحقيق الأهداف التي من أجلها تأسست، والمتمثلة بنشر ثقافة العمل المجتمعي والمواطنة، وتعزيز دور المرأة، ودعم ثقافة إعلام القرب من المجتمع والجهات الحكومية ومنظمات المجتمع المدني".
إذاعات مجتمعية.. ولكن!

وضعت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونسكو)، وعدد من المنظمات ذات الاختصاص، عدة شروط يجب توافرها في أي محطة إذاعية تصنف نفسها ضمن "الإذاعات المجتمعية"، من بين أبرز هذه الشروط:

أن تكون الإذاعة تحت مظلة مؤسسة أو جمعية أو منظمة مجتمع مدني.
أن تكون في منطقة جغرافية محددة.
ألا يكون هدفها ربحيً أو تجاريً. 
أن تهتم بفئة محددة.
أن يُكوّن من مجلس إدارتها من المستمعين، وتشارك المجتمع أفكار برامجها وتكون قريبة منه.
أن تكون لسان المواطن في المجتمع الذي تبث فيه.
لكن حسين جغمان، نائب عميد كلية الإعلام بجامعة صنعاء، يرى أن تلك الشروط لم تعد متوفرة الآن في عدد من المحطات الإذاعية التي تعرف نفسها بأنها "إذاعة مجتمعية".

جيهان عبدالحكيم، الإعلامية ومقدمة البرامج الإذاعية؛ ترجع سبب ذلك إلى ضعف الميزانية المالية لبعض الإذاعات المجتمعية، بالإضافة إلى ما أسمته "تدني الوعي لدى القائمين على إدارة الإعلام الرسمي، بضرورة دعم الإذاعات المجتمعية، بل إن البعض منهم يرى أن الإذاعات المجتمعية عدوة للدولة!".

هذا وقد اعتبرت دراسة لمركز الدراسات والإعلام الاقتصادي، غير الحكومي، أن "دور الإذاعات المجتمعية (في اليمن) لا يزال قاصرًا"، موضحةً أن نسبة 20% فقط من بث الإذاعات المجتمعية، هو الذي يتناول قضايا مثل المرأة والطفل والشباب، والخدمات الأساسية للمواطنين، بينما تحتل المواد الترفيهية بأنواعها نسبة 80% من الإذاعة.
يُذكر أن الإذاعات المجتمعية ظهرت أول مرة خلال الفترة ما بين نهاية السبعينات وبداية الثمانينات من القرن الماضي. وظلت فترة طويلة محصورة على أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية. وفي العالم العربي، كانت أول إذاعة مجتمعية عربية، هي إذاعة "عمان نت"، والتي كانت تبث عبر الإنترنت.
تقرير : علاء الدين الشلالي