مسار جديد لفهم الأساس الابتكاري

مسار جديد لفهم الأساس الابتكاري

مسار جديد لفهم الأساس الابتكاري

هايل علي المذابي
للفكرة الابتكارية الإبداعية والتقليدية مسار واحد تسير فيه يتميز بحالات انتقالية ثلاث يسبقها العدم والحاجة إلى تغييره.
وللطبيعة البشرية خصوصية فالمعاناة تدفع البشر إلى الشكوى وللشكوى مسارين أو طريقتين للتعبير، الأولى تعتمد على وصف المشكلة فقط، والسعي هنا وهناك لبثها في محاولة لإيجاد حل لها من خلال الآخرين والثانية اعتماد على الذات أي أنها تدفع الإنسان إلى الشكوى إلى ذاته وعقله ثم الاعتماد عليهما في إيجاد حل لتلك المعاناة إنها تشبه قول كونفشيوس: "ما يريده الإنسان العادي يجده في الآخرين وما يتمناه الإنسان السامي يجده في نفسه" أو القول "ما يبحث عنه الإنسان العادي يجده في كتب ومؤلفات الآخرين، وما يبحث عنه الإنسان العبقري يكتبه ويؤلفه بنفسه". وهنا تتكون تفاصيل الانتقال إلى حالة المراحل الثلاث لإنتاج الفكرة: الأولى مرحلة الصفر أو مرحلة الرغبة والاستعداد الفطري، والثانية مرحلة المحاكاة وتنمية الاستعداد الفطري المسبق، والثالثة مرحلة الحركة والخلق والتحرر من هيمنة المحاكاة، وهذه الثلاث تلخص تعريف العقل البشري ومهمته.
إن حالة الرغبة والصفر تعني استعداد العقل لإنتهاج وسيلتين هما حالة المحاكاة وتنمية الاستعداد الفطري المسبق أو حالة الحركة وتلبية أعماق حاجات الإنسان وهي حاجة الخلق، لكن لابد لهذه الأخيرة أن تمر بحالة المحاكاة قبل ذلك.
إن حالة المحاكاة وتنمية الاستعداد الفطري المسبق، تعني بداية الوعي بما يمكن الركون إليه في حل المشكلات التي قد نراها في حياتنا، ويركن إليها الإنسان العادي دائما ويكتفي بها فهي حالة تقليد للمتشابه أو لما يطابق مقتضى الحال دون المحاولة في إبداع أكثر من ذلك، ويمكن هنا وصف هذا السلوك بسلوك القطيع الذي يعتمد على البرهان الاجتماعي في طريقة اتخاذ القرار وتدبير شؤون الحياة وحلا المشكلات.
الحالة الثالثة هي بالنسبة للإنسان المبدع ذي الطبيعة المتنورة حالة الحركة، فبعد أن يلم الإنسان بحالات التشابه والتطابق لا يتبعها فقط كما الإنسان العادي ولكنه يخلق منها حالة خاصة أكثر إبداعا تلائم طموحاته.
مثال على هذا مصطلح اسطوري يسمى "لمسة ميداس" وبالنسبة للعقلية التقليدية ستفهم أن هذا المصطلح ليس سوى تعبير اسطوري ميثولوجي قائم على الخرافة لكن العقلية الابداعية سترى ان قدرات ميداس التي تستطيع ان تحول التراب إلى ماس وذهب هي تعبير عن قدرات الإنسان العبقري في تحويل الموارد العادية التي ليس لها قيمة او هي في أدنى درجاتها إلى شيء يوازي الذهب والماس أو يفوقه مثلما يحدث في تحويل خامات الحديد والمعادن بالصناعات إلى يمكن أن يخدم البشرية بما يفوق قيمة الذهب الساكنة.
إن أتفه الاشياء في الحياة قد تعطينا درسا ومعنى إن لم نتجاوزها بعدم التأمل لجدوى وجودها وإمكانية الاستفادة مما يمكن أن نجده فيها من معاني.
واذا انتقلنا إلى حالة أكثر ابداعا من الأمثلة سنجد أن الاستثمار في الإنسان المبدع هو أعظم ما يمكن ان يجسد ما يشير إليه مصطلح "لمسة ميداس" فالإنسان تراب ولمسة ميداس تعني قدرة المعلم وقدرة الحاضنة الابتكارية على تحويل هذا التراب إلى ذهب وماس بالاهتمام والتعهد بالعلم والمعرفة والعناية والجدية في الدعم بالحرص على توفير احتياجاته بأعلى وافضل امتيازاتها والاهم توفير فرص تعليم جيدة على أعلى مستوى له وليس بالضرورة انتهاج نهج ووسائل تقليدية في ذلك، كما وليس بالضرورة المساواة بين كل الأشكال التي نجدها بل بعملية تفضيل تناسب قدرات وإمكانيات كل فرد قد نجد فيه بذرة على القدرة على الإبداع والابتكار حينها مستقبلا يمكن أن يصبح التراب الذي نجده ذهبا وماسا بفضل عبقرية وابداع هذه النماذج وبحسب طريقة التعليم ونوع العلم وسقف الحرية المتاح للتفكير بدون شروط يمكن انتاج مسار ينحاز إلى جانب الفائدة التي تخدم البشرية إلى أعلى حد وبدون ان تضرها.

#الوفاق_نيوز


طباعة   البريد الإلكتروني