مركز تریندز للبحوث يختتم مؤتمره السنوي العالمي الأول في واشنطن

 مركز تریندز للبحوث يختتم مؤتمره السنوي العالمي الأول في واشنطن 

متابعات-(الوفاق نيوز): اختتم مركز تریندز للبحوث والاستشارات بالتعاون مع المجلس الأطلسي أعمال مؤتمره السنوي  العالمي الأول، الذي عُقد على مدى یومین في مقر المجلس بواشنطن، تحت عنوان: "أمن الشرق  الأوسط في عالم متغیر: بناء نظام أمني إقلیمي مستدام"، وشارك فیھ العشرات من الشخصیات  السیاسیة المھمة، والخبراء من مختلف دول العالم، وقد أثروا بدراساتھم وأفكارھم ورؤاھم  جلسات المؤتمر السبع التي اشتملت على مختلف الجوانب المتعلقة بموضوع المؤتمر. د. العلي: اتفاقات السلام الإبراھیمیة تؤسس لعھد جدید من التعاون الذي یستجیب  لتطلعات شعوب المنطقة  واستھل د. محمد عبدالله  العلي الرئیس التنفیذي  بمركز تریندز للبحوث  والاستشارات جلسات الیوم  الأخیر للمؤتمر بكلمة  رحب في بدایتھا  بالمشاركین والحضور،  مبرزاً ما یولیھ مركز  تریندز للبحوث  والاستشارات من أھمیة  كبیرة لقضیة أمن الشرق  الأوسط نظراً لأھمیتھا  وانعكاساتھا وتأثیراتھا  المباشرة وغیر المباشرة على أمن العالم كلھ. وشدد على أن الھدف من المؤتمر البحث في كیفیة تحقیق الأمن المستدام في ھذه المنطقة المھمة  من العالم.

 موضحاً أن منطقة الشرق الأوسط شھدت في السنوات الأخیرة بعض التطورات الإیجابیة التي یؤمل أن تستمر ویتم البناء علیھا للوصول إلى الأمن المستدام الذي تتطلع إلیھ  شعوب ھذه المنطقة كغیرھا من شعوب العالم، مشیراً إلى أن من أبرز ھذه التطورات تراجع حدة  الصراعات التي عصفت ببعض دول المنطقة، مثل الیمن وسوریا ولیبیا، وھزیمة تنظیم داعش  وإنھاء دولتھ في العراق وسوریا، وتعرُّض التنظیمات المتطرفة الأخرى مثل القاعدة والإخوان  المسلمین لضربات متتالیة أضعفت من تأثیرھا السلبي في المنطقة.


 ومحذراً في الوقت نفسھ من  أن الخطر لایزال قائماً، ولاتزال منطقة الشرق الأوسط تعاني من جراء الجماعات الإرھابیة التي  لاتزال تجد من یدعھما؛ ما یدعو إلى تعزیز التعاون الدولي لمواجھتھا. وبیَّن د. العلي أن التطور الأھم في المنطقة یتمثل في توقیع اتفاق السلام الإبراھیمي الذي فتح  المجال أمام فرص جدیدة للسلام الإقلیمي بین إسرائیل والدول العربیة.

 وقال إن اتفاقات السلام  الإبراھیمیة التي تم توقیعھا بین إسرائیل من جانب وكل من دولة الإمارات العربیة المتحدة  والسودان والمغرب من جانب آخر، تمثل واحدة من أھم التحولات التي شھدتھا منطقة الشرق  الأوسط منذ عقود؛ لأنھا تؤسس أیضاً لعھد جدید من التعاون البنّاء الذي یستجیب لتطلعات جمیع  شعوب المنطقة في الأمن والتنمیة والازدھار.


 وأشار الرئیس التنفیذي لمركز تریندز في ھذا الصدد إلى الندوة التي نظمھا المركز بالشراكة والتعاون مع مركز موشیھ دیان لدراسات الشرق الأوسط قبل أسبوع بعنوان "الاتفاق الإبراھیمي: فرص تعزیز التعاون والتسامح والتنمیة في المنطقة"، لتأكید ضرورة أن تضطلع مراكز الفكر والدراسات بدورھا المھم في إرساء ُمُثل السلام والتسامح والتعایش بین مختلف الشعوب والثقافات، باعتبارھا الأساس في تحقیق السلام والازدھار في ھذه المنطقة والعالم. 

وقال الدكتور العلي: لقد أتینا إلى واشنطن وفي ھذا المؤتمر بحثًا عن تبادل الأفكار والتوصیات التي یمكن أن تسھم في تحقیق السلام والأمن الإقلیمي المستدام في منطقة الشرق الأوسط. وعرض بعض الأفكار التي یعتقد أنھا یمكن أن تخدم تحقیق الھدف الذي نعمل من أجلھ؛ ومنھا أن التركیز في معالجة أزمات الشرق الأوسط یجب أن ینصب على كیفیة دعم الدولة الوطنیة، ومواجھة التنظیمات المسلحة كافة، الطائفیة منھا والعرقیة والدینیة، التي تعمل على تفكیك الدولة الوطنیة وإضعافھا وإفشالھا، ومواصلة تعزیز جھود التعاون الدولي والإقلیمي في مواجھة التنظیمات المتطرفة بشتى أنواعھا، ودعم جھود التنمیة المستدامة في المنطقة، والعمل على ترسیخ أسس السلام في المنطقة.

 مشیرًا إلى أنھ إذا كان الاتفاق الإبراھیمي مَّثل تطورًا مھمًا في ھذا السیاق، فإنھ یجب البناء علیھ وتعزیزه؛ لأن الحفاظ على السلام وضمان استدامتھ أكثر صعوبة من صنعھ. ومؤكدًا على أنھ السلام والتعایش داخل المجتمعات. بالتوزاي مع ذلك یجب أن تتوقف التدخلات الإقلیمیة السلبیة التي تعزز حالة الفوضى وتق ّوض جھود واختتم الدكتور محمد العلي كلمتھ بالتأكید على أن تحقیق الأمن المستدام في منطقة الشرق  الأوسط لیس بالمھمة السھلة، بل یحتاج إلى إرادة صلبة وعمل مستمر وتعاون إقلیمي ودولي  واسع النطاق، وأن مھمة مراكز الفكر ھي البحث عن الأفكار التي یمكن من خلالھا دعم صُنّاع  القرار لتحقیق ھذا الھدف.

 عبدالله آل سعود: الاحترام المتبادل في المنطقة یعزز الاقتصاد الأخضر، والحوار  یقود لبناء الثقة وتحقیق الازدھار.  نتائج إیجابیة كبیرة ستتحقق من المؤتمر في كلمة تعریفیة قبل بدء فعالیات الجلسة الرابعة، قال عبدالله بن خالد آل سعود مساعد مدیر  إدارة تخطیط السیاسات بوزارة الشؤون الخارجیة بالمملكة العربیة السعودیة إن منطقة الشرق  الأوسط تواجھ تحدیات كثیرة، وھناك نزاعات عدیدة ناتجة عن أیدیولوجیات وتطرف وطائفیة  وفاعلین غیر حكومیین، كما أن ھناك دولاً فاشلة. لكنھ أكد أن في منطقة مجلس التعاون لدول  الخلیج العربیة مجتمعات لدیھا الرغبة في الاستقرار والسلم والأمن المستدام، ولدیھا قواسم  مشتركة، ورغبة في تعزیز الابتكار والاستقرار والسلام، وتعزیز الشراكة مع الجمیع. وبین أن المملكة العربیة السعودیة مھتمة جداً بأن یكون لدیھا علاقات طبیعیة مع الجیران، والأمر  یتطلب مزیداً من الاستقرار في المنطقة عبر معالجة أسباب النزاعات.


 مشیراً إلى أن ثمة نتائج  إیجابیة كبیرة ستتحقق من الاجتماع والنقاش تحت مظلة المؤتمر الذي ینظمھ مركز تریندز  بالتعاون مع المجلس الأطلسي، مشدداً على أن الاحترام المتبادل لكل الفاعلین في منطقة الشرق  الأوسط یمكن أن یعزز مؤشرات الاقتصاد الأخضر، ویفید في مواجھة التغیرات المناخیة  السلبیة، وأن الحوار ھو الذي یمھد لبسط الاستقرار وبناء الثقة وتحقیق الازدھار.  

عقب ذلك دارت مناقشات الجلسة الرابعة تحت عنوان "منظور دول مجلس التعاون الخلیجي لبناء  نظام أمني إقلیمي مستدام"، بإدارة نادیة البلبیسي، رئیسة مكتب قناة العربیة الإخباریة في  واشنطن، حیث قالت إن الإدارة الأمریكیة في عھد أوباما كانت تعرف أن إیران تدعم الإرھاب،  لذلك سارعت في توقیع الاتفاق النووي لتجنب تحوّلھا إلى دولة نوویة، كما ذكرت أن الاتفاقات  الإبراھیمیة فتحت آفاقاً للتعاون، وھذا التعاون ینصبُّ في مجالات التعاون المائي والطاقة، ولكن  یجب أن ینصبّ الاھتمام فیھ أیضاً على القضیة الفلسطینیة. تسلُّح إیران النووي یدفع غیرھا لبدء برامج مماثلة من جانبھ، وفي ھذه الجلسة، ذكر محمد السلمي مؤسس ورئیس المعھد الدولي للدراسات الإیرانیة  (رصانة) بالمملكة العربیة السعودیة في ورقة عمل بعنوان "إیران والانتشار النووي والعلاقات  مع الدول المجاورة"،أن الاتفاق النووي الإیراني لعام 2015 ،والذي یُعرف باسم "خطة العمل  الشاملة المشتركة"، بدأ یموت موتاً بطیئاً، في حین تعمل إیران على تطویر قدراتھا النوویة،  وأصبحت مخزوناتھا من الیورانیوم عالي التخصیب تزداد بوتیرة سریعة، بفضل ما لدیھا من  أجھزة الطرد المركزي المتقدّمة، مضیفاً أن خوف المجتمع الدولي من منشآت التخصیب وتصنیع  القنابل النوویة التي لا تزال سریة في إیران ھو خوف مبرّر وحقیقي.  وبین أن ما ھو مجھول في الشأن النووي الإیراني ینذر بخطر كبیر بالنسبة لجیران إیران: العراق والكویت والمملكة العربیة السعودیة ودولة الإمارات العربیة المتحدة ودولة قطر ومملكة البحرین وسلطنة عمان وباكستان وأفغانستان وتركمانستان وأذربیجان وأرمینیا وتركیا. ولیس من بین ھؤلاء الجیران من یملك سلاحًا نوویًا سوى باكستان، وحَّذر من أنھ یمكن للتسلح النووي الإیراني - إذا تحقق - أن یدفع دو ًلا بالمنطقة إلى بدء برنامج أسلحة نوویة، مثلما دفعت الأسلحة النوویة الصینیة إلى بدء البرنامج النووي الھندي، والذي دفع بدوره باكستان إلى تطویر ترسانتھا النوویة. وأكد أنھ إذا أرید إبعاد الشرق الأوسط وتركیا عن السباق النووي، ینبغي على الغرب والصین  وروسیا كبح الأنشطة النوویة الإیرانیة أولاً؛ لأن مكافأة سلوك طھران المارق ولامبالاتھا تجاه  الالتزامات النوویة المنصوص علیھا في خطة العمل الشاملة المشتركة، وضمانات الوكالة الدولیة  للطاقة الذریة، تُعدّ بمثابة عدم تشجیع لدول الخلیج وتركیا وأذربیجان والدول الأخرى على  الامتثال لمعاھدة عدم انتشار الأسلحة النوویة.  الحاجة إلى نظام أمني قوي یردع إیران أما الفریق المتقاعد فوزي میلر، الرئیس والمدیر التنفیذي بمجموعة فوزي میلر المحدودة، القائد  الأسبق للقیادة المركزیة للقوات البحریة الأمریكیة في الأسطول الخامس الأمریكي في القوات  البحریة المشتركة الامریكیة، فتناول استقرار منطقة الخلیج، وبین أن المنطقة بحاجة إلى  استراتیجیة موحدة وتعاون أكبر لمواجھة التھدیدات الخارجیة عبر نظام أمنى قوي، إضافة إلى  التعاون مع الأطراف الفاعلة الأخرى لردع إیران. وأشار إلى أن إسرائیل تتطلع إلى التعاون مع  دول الخلیج لبناء نظام دفاعي فعال یمكن من خلالھ ردع إیران، وأن الولایات المتحدة لن تتخلى  عن دول المنطقة. وتساءل عما إذا كان یمكن لدول مجلس التعاون الخلیجي أن تتعاون مع  الولایات المتحدة، بعیداً عن دول أخرى مثل الصین وروسیا.

 نجاح في التخفیف من آثار إیران السلبیة  بدوره، بین فھد الشلیمي، رئیس منتدى الخلیج للسلام والأمن أن إیران تلعب دوراً تدمیریاً في  منطقة الشرق الأوسط، من خلال تصدیر الثورة والسعي لامتلاك أسلحة نوویة وصواریخ  بالیستیة، والتدخل في شؤون دول الخلیج. وأشار إلى أن لدى دول مجلس التعاون لدول الخلیج  العربیة تحدیات اقتصادیة نابعة من الاعتماد على النفط، وھو ما یستدعي زیادة الجھود لتنویع لاقتصادات الخلیجیة، وكذلك العمل على تعدیل مسألة العمالة الأجنبیة في منطقة الخلیج ومعالجة  تصاعد نسبتھا. وشدد على أن دول الخلیج بحاجة إلى سیاسات اقتصادیة تكاملیة، وسیاسات أمنیة موحدة، وقیادة  عسكریة مشتركة تعمل ضمن عقیدة مشتركة، وتسویة المشكلات والخلافات. وذكر أن الھجمات  السیبرانیة تمثل تحدیاً مھماً لدول مجلس التعاون الخلیجي، وخاصة أن إیران تسعى إلى اكتساب  قدرات كبیرة في ھذا المجال. وقال: نحن بحاجة إلى انخراط سیاسي واقتصادي مع إیران وذلك  لتخفیف الأضرار التي تلحقھا إیران بالمنطقة. كما أوضح أن دول الخلیج بحاجة إلى بناء شراكة  مع بعض الدول الإقلیمیة، مثل الأردن ومصر والمغرب، في ظل المصالح المشتركة والتحدیات  المتشابھة، مذكّراً بأن دول المنطقة نجحت في التخفیف من آثار إیران السلبیة في المنطقة، ولعل  ما یحدث في الانتخابات العراقیة وفي لبنان ھو دلیل على ذلك. العتیبة:  الأولویات في الإمارات ھي السلام والاقتصاد والفھم المشترك منطقة الشرق الأوسط سئمت النزاعات والصراعات، وتغیرت أولویات شعوبھا  تطلعات شعوب المنطقة تتركز في توفیر حیاة أفضل ومزید من فرص العمل واقتصرت الجلسة الخامسة ضمن جلسات المؤتمر على حوار أداره السفیر متقاعد مارك سیفرز،  مدیر اللجنة الیھودیة الأمریكیة في الخلیج، مع معالي یوسف العتیبة، سفیر دولة الإمارات لدى  الولایات المتحدة، حیث أكد معالیھ أن دولة الإمارات العربیة المتحدة تحظى بالدعم الكافي فیما  یتعلق بالاتفاق الإبراھیمي مع إسرائیل، مشیراً إلى أن ھناك العدید من أوجھ التعاون بین دولة  الإمارات وإسرائیل؛ مثل التعاون في مجالات المیاه، والتغیر المناخي، والطاقة المتجددة وغیرھا.  وقال إن منطقة الشرق الأوسط سئمت من النزاعات والصراعات، وقد تغیرت الأولویات الآن  لدى الشعوب التي ترید حیاة جیدة، وھو ما ستفتح آفاقھ الاتفاقات الإبراھیمیة، مبیناً أن تطلعات شعوب بلدان الشرق الأوسط اختلفت كثیراً عما كانت علیھ في العام 1971؛ فلو استقصیت الآن  ھذه التطلعات فستجد أنھا تتركز حالیاً على توفیر حیاة أفضل وتوفیر مزید من فرص  العمل،فالتعاون الناتج عن الاتفاقات الإبراھیمیة سیفید المنطقة بكاملھا ولیس دولة الإمارات  وإسرئیل فقط؛ لذلك من الأھمیة إشراك أطراف أخرى، مثل مصر والأردن، في ھذا التعاون. وشدد معالیھ على ضرورة النظر إلى قضیة التعاون في المنطقة من منطلق غیر مسیَّس، مثل  التعاون في مجال الطاقة والمناخ. وذكر أن الأولویات في الإمارات ھي السلام والاقتصاد والفھم  المشترك بین الشعبین الإماراتي والإسرائیلي، فالاتفاقات الإبراھیمیة لا تستھدف أي دولة وإنما  تسعى لتحقیق السلام والاستقرار في المنطقة. شرق أوسط مخالف لرؤى إیران وأدارت كارمیل أربیت، باحث أول غیر مقیم ببرامج الشرق الأوسط - المجلس الأطلسي،  نقاشات الجلسة السادسة، التي تمحورت حول "المبادرات الدبلوماسیة الجدیدة في المنطقة: البحث  عن تحالفات مستقرة"، وبین فیھا البروفیسور أوزي رابي مدیر مركز موشیھ دیان لدراسات  الشرق الأوسط وأفریقیا بجامعة تل أبیب أن الاتفاقات الإبراھیمیة لھا رؤیة بعیدة المدى للشرق  الأوسط قائمة على التعاون بین دول المنطقة، لكن لدى إیران رؤیة ھدامة إزاءھا. وقال: إن الاتفاقیات الإبراھیمیة غیرت قواعد اللعبة في الشرق الأوسط؛ لأنھا لیست ذات طابع  سیاسي فقط، وإنما ذات طابع ثقافي وأمني واقتصادي، كما أنھا تشكل بارقة أمل للشرق الأوسط،  وعلینا التفكیر بكیفیة توظیف ھذه الاتفاقیات بشكل مستدام یخدم كل الفاعلین في المنطقة. وأضاف  أنھ إذا أردنا أن یكون ھناك أمن موحّد، في ظل التحدیات المشتركة، فیجب أن ننسج اتفاقات مثیلة مثل الاتفاقات الإبراھیمیة، موضحاً أنھ بعد عام على توقیع الاتفاقات الإبراھیمیة، تم وضع لبنة  لشرق أوسط أفضل یخالف رؤى كلٍّ من إیران وتركیا. السلام ونظام للتكامل الاقتصادي وحول الاتفاق الإبراھیمي كآلیة للأمن الإقلیمي أكد محمد باھارون، مدیر مركز دبي لبحوث  السیاسات العامة (بحوث) بدولة الإمارات العربیة المتحدة، أن الاتفاق الإبراھیمي بطبیعتھ جانب  متعدد الأطراف، ذلك أنھ في الاسم الذي ینطوي على مظلة تتجاوز الجغرافیا، والتوقیع علیھ من  جانب أربع دول، وانضمام دول أخرى إلیھ لاحقاً، تبدو دلالة واضحة على أنھ لیس اتفاقاً ثنائیًّا.  كما أن اضطلاع الولایات المتحدة بدور المضیف لمراسم التوقیع على الاتفاق، بل وتوقیعھا علیھ  كشاھد، منح الاتفاق دعماً دولیاً. وأضاف أن الاتفاق الإبراھیمي في جوھره اتفاق لإنھاء الصراع وإرساء التواصل الاقتصادي. 

 ولذلك، فھو یقوم على بعدین رئیسیین: أولاً، إنھاء النزاعات القائمة على الھویة في المنطقة،  وثانیاً، إرساء نظام تواصل جدید قائم على التكامل الاقتصادي، كما أنھ یقدم نموذجاً عملیاً لتحقیق  ذلك، والمطلوب الآن ھو توسیع نطاقھ. وأشار إلى أن البعد المرتبط بنظام التواصل من الاتفاق الإبراھیمي ھو التكامل الاقتصادي  باعتباره أداة رئیسیة لمعالجة مسائل التجارة والطاقة والمیاه والغذاء والأمن البشري (بما في ذلك  الصحة والتعلیم)، وكذلك الاقتصاد الرقمي، ویرتبط ھذا التواصل بالسلام بین الشعوب، وھو  مطلوب للحد من الصراعات وإدامة التعاون في المنطقة. وذكر أن الاتفاق الإبراھیمي بتركیبتھ الحالیة یضم سبع دول تتعاون على وضع برنامج مشترك  للتعاون في المجالین الأمني والاقتصادي لمصلحة المنطقة. ومن شأن الدعم الأمریكي لھذه  المبادرة أن یحولھا إلى منصة قابلة للحیاة والتوسع من أجل التعاون الإقلیمي، لكنھ أشار إلى أن  تحقیق سلام مستدام بین إسرائیل وفلسطین ھو العتبة الحرجة التي یتعین تجاوزھا حتى یتحول  الاتفاق الإبراھیمي إلى آلیة حقیقیة للتعاون یمكن أن تشمل بلداناً من غیر الدول العربیة، بما في  ذلك تركیا وإیران وبلدان القرن الأفریقي. فرص واعدة مع الاتفاق الإبراھیمي أما فیما یخص التعاون الفني والاقتصادي بین إسرائیل ودول مجلس التعاون الخلیجي، فتحدثت  شیرا إیفرون، باحث أول بمعھد دراسات الأمن القومي مستشار خاص في الشؤون الإسرائیلیة  مؤسسة راند باحث مساعد بمعھد الحرب الحدیثة في ویست بوینت، وأشارت إلى أن الاتفاقات  الإبراھیمیة یمكن أن تؤدي إلى تبادل تجاري تبلغ قیمتھ أكثر من 150 ملیار دولار بین الدول  الموقعة علیھا، وقد تفتح الآفاق نحو توقیع اتفاقیات مناطق تجارة حرة بین ھذه الدول.

  وأضافت أن اتفاقیات التجارة الحرة مع إسرائیل ستكون نافعة لجمیع الأطراف الإماراتیة  والإسرائیلیة والفلسطینیة والدول المطبعة أیضاً، من ناحیة حجم الاستثمارات وخلق الوظائف.  وشددت على أن الاتفاق الإبراھیمي من الممكن أن یوفر فرصاً تجاریة بین الدول، ویوفر فرص مل جیدة، مذكّرة بأن ھناك اتفاقیات سلام مع دول أخرى في المنطقة، ولكنھا لم تحقق أي  نجاح، وبخاصة على المستوى الاقتصادي. 


أھمیة الشرق الأوسط خلقت تحدیات  وحول منظور الخلیج العربي (البحرین والإمارات) حول الاتفاق الإبراھیمي، ذكرت عھدیة أحمد  السید، رئیسة جمعیة الصحفیین البحرینیین، أن المنطقة شھدت، ولاتزال، تغیرات وتحدیات  عدیدة على مدى العقود الأربعة الماضیة، نظراً لأھمیة الشرق الأوسط على خریطة العالم،  وبسبب مكانتھا الاستراتیجیة والسیاسیة والاقتصادیة، موضحة أن ھذه المنطقة كانت ھدفاً للعدید  من المیلیشیات والكیانات والدول التي ترعى الأیدیولوجیات الإرھابیة والمتطرفة.


مما یستدعي  ظھور إقامة تحالفات جدیدة یمكنھا، من خلال الجھود الدبلوماسیة والاستراتیجیات المشتركة،  مكافحة الإرھاب وبناء منطقة أقوى وأكثر استقراراً من الناحیة السیاسیة. وأوضحت أن التطبیع حقق أھدافاً ملموسة، بدءاً بسقوط الأیدیولوجیات المتطرفة التي تمكنت من  الوصول إلى السلطة في المنطقة، وعلى رأسھا الإخوان المسلمون وحزب الله، والتي بدأت  تضعف بسبب سقوط ممثلیھا في البلدان العربیة، مشیرة إلى أن الأیدیولوجیات المتطرفة  والشعارات الكاذبة جرَّت القضیة الفلسطینیة على مدى عقود إلى حروب ولم تجلب السلام بین  الفلسطینیین والإسرائیلیین. وبینت أن التطبیع بین المغرب والسودان من جھة وإسرائیل من جھة  أخرى، في أعقاب التوقیع على الاتفاق الإبراھیمي، مثَّل تجسیداً للكیفیة التي یمكن من خلالھا أن  یحقق أفضل النتائج لجمیع البلدان المعنیة، بالنظر إلى اعتماد مقاربة واستراتیجیة دبلوماسیة  مختلفة.  وذكرت أن اتفاقي السلام البحریني والإماراتي مع إسرائیل شكلا نقطتيْ تحول في التاریخ  الحدیث. 

ومن خلال سیر بلدان أخرى على النھج نفسھ، سیتحول الشرق الأوسط بالتأكید إلى  منطقة أقوى وأكثر استقراراً. مؤكدة أن السلام سیمكِّننا من مكافحة كل من معاداة السامیة ورھاب الإسلام السیاسي، وكلاھما یؤدي إلى التمییز بین الشعوب على أساس الھویة الدینیة، وھي مسألة  أخرى عانت منھا الشعوب في الشرق الأوسط. بناء نظام مناعة عالمي وحملت الجلسة السابعة التي أدارھا إبراھیم بكري، مساعد مدیر مركز الشرق الأوسط بجامعة  بنسلفانیا الأمریكیة، عنوان "ما وراء الأمن الإقلیمي: وجھات نظر جدیدة ورؤى مستقبلیة للأمن  البشري "، وتحدث فیھا دیفید براي، مدیر مشاریع البیانات العالمیة ومشاریع التقنیة في مجموعة  سینغولاریتي، وھو باحث متمیز في المجلس الأطلسي، حول بناء نظام مناعة عالمي، حیث  أوضح أننا في عالم مترابط، وعلینا أن ندرك أن ھناك أوبئة طبیعیة وأوبئة مصنعة في المختبر،  ولذا یجب ان یكون ھناك تعاون دولي لمواجھة ھذه الأنواع من الأوبئة، مشیراً إلى أن ھناك  تسارعاً في البحوث العلمیة لمواجھة الأوبئة والجوائح والتغیر المناخي؛ ما یملي علینا أن نكون  مستعدین لمواجھة ھذا النوع من التحدیات للمحافظة على الأمن الصحي الجماعي.  وقال إن العالم حالیاً لا یواجھ تحدي الجوائح فقط، ولكنھ یواجھ تحدي التغیر المناخي أیضاً.  ولمواجھة ھذه التحدیات، لا بدیل عن التعاون الدبلوماسي بین دول العالم لتحقیق الأمن الصحي،  مع تعزیز استخدام التكنولوجیا والذكاء الاصطناعي. التكنولوجیا لمواجھة التحدیات.

والتعاون ضرورة للبقاء أما بشأن التكنولوجیات الجدیدة ومستقبل الحرب ومكافحة التمرد، فذكرت إیفانا ھو، الرئیس  التنفیذي لشركة أومیلاز باحث أول غیر مقیم مركز سكوكروفت للاستراتیجیة والأمن بالمجلس الأطلسي، أن التكنولوجیا لا توجد من فراغ، ولابد أن تتبناھا الحكومات والمنظمات الدولیة،  وینبغي توظیفھا من أجل مواجھة التحدیات التي نواجھھا في المستقبل. فیما تحدثت عبلة عبداللطیف، المدیر التنفیذي ومدیر البحوث بالمركز المصري للدراسات  الاقتصادیة بمصر، حول تحدیات التنمیة والتغیرات الدیمغرافیة، إذ أشارت إلى أن الأمن المائي  یعني القدرة على البقاء، وقالت نحن في مصر لدینا مشكلة مع الأمن المائي حیث نعاني انخفاضاً  في نصیب الفرد من المیاه، وبینت أن التعلیم یؤدي إلى تحسین نمط المعیشة، ویسھم في إیجاد  نظام سیاسي أفضل، وتنشئة اجتماعیة أكثر ملاءمة، مشددة على أن التعاون والتكامل الاقتصادي  ضروري للبقاء في منطقة الشرق الأوسط،كما أن التوزیع العادل للقاحات كورونا من ضرورات  ھذا التعاون في المنطقة. مستقبل حضري إبداعي مستدام وفي محور "ما بعد الأمن الإقلیمي: رؤى ووجھات نظر جدیدة لمستقبل الأمن البشري"، قالت  جینیفر جیدلي، أستاذ مساعد في معھد المستقبل المستدام بجامعة التكنولوجیا في سیدني مدیر  البحوث في معھد بحوث المحیطات نیو ساوث ویلز -أسترالیا ": نحن نعیش في زمن حرج  بالنسبة للشرق الأوسط والعالم بأسره، ونواجھ تحدیات في المستقبل القریب والبعید تشمل  المجالات الجیوسیاسیة والاجتماعیة والثقافیة والبیئیة.


 وأشارت إلى أن أزمة المناخ وحدھا تھدد  أنماط الحیاة الحضریة والساحلیة والمریحة التي یتمتع بھا كثیر منا. وركزت في ورقتھا على  حمایة البیئة من خلال الإبداع والتجدید. وقالت إن رؤیتي لبناء مستقبل بیئي متجدد تعتمد على  ثلاث ركائز؛ ھي الإبداع الحضري، والطاقة المتجددة، وتجدید البیئة. وتطرقت في ذلك إلى  مستقبل حضري إبداعي ومستدام، مبینة أن التحضر السریع، أو "التحضر القدیم"، الذي یعتمد  على التصنیع والعولمة یعد سبباً رئیسیاً لانعدام الأمن وتدھور البیئة. أما "التحضر الجدید" الأكثر  وعیاً للنواحي البیئیة فھو یستند إلى الإبداع والاستدامة. والآن، واستشھدت في ذلك بما تشھده  الصین من حركة تحضر مفرطة، فیما تتجھ المدن الصناعیة القدیمة، مثل برلین، والمدن العائمة  في ھولندا وجزر المالدیف نحو تحول أخضر. ختام المؤتمر وفي كلمة ختامیة لمركز تریندز للبحوث والاستشارات، قدمتھا سمیة الحضرمي مدیر إدارة  المؤتمرات بالمركز، شكرت شركاء المركز في المجلس الأطلسي بخاصة، وفي مبادرة  "سكوكروفت لأمن الشرق الأوسط" بعامة، وكافة المسؤولین والمفكرین الذین شاركوا في  فعالیات المؤتمر، وأكدت أن المؤتمر قدم على مدى یومین الكثیر من الأفكار والرؤى  والتصورات البناءة التي طرحھا السادة المتحدثون بھدف البحث عن كیفیة بناء نظام أمني إقلیمي  مستدام یحفظ لجمیع دول منطقة الشرق الأوسط أمنھا واستقرارھا، موضحة أن الآراء والأفكار  التي طرحت في ھذا المؤتمر اتسمت بالتنوع 
والشمولیة، في تعبیر واضح عن مفھوم  الأمن الشامل الذي یتبناه كلٌّ من المجلس الأطلسي ومركز تریندز الذي یأخذ في الاعتبار جمیع  المجالات المؤثرة بشكل مباشر أو غیر مباشر على الأمن الإقلیمي. وشددت على أن الأفكار التي طرحت في ھذا المؤتمر ستسھم في فھم معضلة الأمن في منطقة  الشرق الأوسط وكیفیة حلھا، وصولاً للأمن المستدام الذي تنشده شعوبھا، وكذلك في دعم  التوجھات الإیجابیة والمواقف البناءة لصنّاع القرار في المنطقة وحول العالم للوصول إلى تحقیق  ھذا الھدف الأسمى المتمثل في نظام أمني إقلیمي مستدام سیعزز - في حال تحققھ - حالة الأمن  العالمي، انطلاقاً من حقیقة أن ما یحدث في منطقة الشرق الأوسط ینعكس بالضرورة على النظام   العالمي برمت